أخر الاخبار

درس تعليمي 3 "فرائض الوضوء في الفقه المالكي" وفقًا لمتن ابن عاشر

 درس تعليمي 3 "فرائض الوضوء في الفقه المالكي" وفقًا لمتن ابن عاشر

درس تعليمي 3 "فرائض الوضوء في الفقه المالكي" وفقًا لمتن ابن عاشر

يعتبر الوضوء أحد أركان الطهارة وشرطًا أساسيًا لصحة الصلاة في الإسلام. وقد فصل الإمام عبد الواحد بن عاشر في متنه "المرشد المعين" فرائض الوضوء، مبينًا الأركان الأساسية التي يجب أن يستوفيها المسلم في وضوئه ليصح، ويكون طاهرًا ومهيئًا لأداء العبادة.
سنقوم هنا في هذا الدرس ببيان التعريف اللغوي والاصطلاحي للوضوء، وحكمه ودليله الشرعي، وشروطه، والفرائض الواردة في متن ابن عاشر، وما يمكن استنباطه من القيم الروحية والاجتماعية لهذه العبادة، إلى جانب أسئلة التقويم في نهاية الدرس.

 تعريف الوضوء 

 - التعريف اللغوي: الوضوء في اللغة مشتق من الوضاءة، ويعني النقاء والنظافة. وهو يشير إلى غسل الأعضاء بطريقة تجلب البهاء والوضاءة للإنسان.
 - التعريف الاصطلاحي: الوضوء في الشرع هو استعمال الماء الطاهر في غسل أعضاء معينة بنية العبادة، لإزالة الحدث الأصغر، وهو مطلوب لتحضير المسلم للصلاة والطهارة.

 حكم الوضوء في الإسلام والدليل الشرعي عليه

 * حكم الوضوء: الوضوء واجب لكل صلاة سواء كانت فريضة أو نافلة، حيث لا تصح الصلاة إلا على طهارة. كما يعتبر الوضوء شرطًا لصحة الطواف في الحج أو العمرة، ويستحب كذلك عند قراءة القرآن أو الذكر.

 *  الدليل الشرعي: استُدل على وجوب الوضوء من القرآن والسنة النبوية:

من القرآن: قال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ" [المائدة: 6].
من السنة النبوية: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تُقبل صلاة بغير طهور" [صحيح مسلم].

 شروط وجوب وصحة الوضوء 

شروط وجوب وصحة الوضوء معًا، أو ما يسمى أحيانًا بـ"شروط التكليف بالوضوء"، هي الشروط التي يجب أن تتوافر ليكون الوضوء واجبًا وصحيحًا في نفس الوقت. إذا تحقق الشرط فهو يجعل الوضوء واجبًا، وإذا توفرت شروط الصحة الأخرى، يكون الوضوء صحيحًا ومقبولًا. وهذه الشروط هي كالتالي:

 - الإسلام: يجب أن يكون الشخص مسلمًا؛ لأن الوضوء عبادة، ولا تُقبل العبادات إلا من المسلم.
 - العقل: يجب أن يكون عاقلًا، فلا يجب الوضوء على المجنون أو من فقد وعيه، كما أنه لا يصح منه؛ لأن فقدان العقل يُسقط عنه التكليف.
 - التمييز: يشترط في الوضوء التمييز، وهو القدرة على فهم ماهية الطهارة وأحكامها. فلا يجب الوضوء على غير المميز، ولا يصح منه، كالأطفال دون سن التمييز.
 - وجود الحدث: الوضوء يجب عند حدوث الحدث الأصغر، مثل خروج الريح أو البول، ويشترط الحدث لصحة الوضوء ووجوبه في نفس الوقت، لأن الوضوء يكون لرفع الحدث الأصغر واستباحة العبادة.
 - إمكانية استعمال الماء: القدرة على استعمال الماء شرط لصحة الوضوء ووجوبه، فإذا كان الشخص لا يستطيع استخدام الماء بسبب المرض أو عدم توفره، سقط عنه وجوب الوضوء وصح له التيمم بدلًا من الوضوء.
 - طهارة الماء المستخدم: يجب أن يكون الماء طاهرًا ومطهرًا، أي غير نجس، ليستعمل في الوضوء.
 - عدم وجود مانع يمنع وصول الماء: يجب التأكد من عدم وجود أي مانع يحجب وصول الماء إلى البشرة، كطلاء الأظافر، أو الأوساخ الكثيفة.

 فرائض الوضوء في الفقه المالكي حسب متن ابن عاشر 

في متن ابن عاشر، تم ذكر فرائض الوضوء كالتالي: فرائض الوضوء سبعة وهي** دلك وفور نية في بدئه **ولينو رفع حدث أو مفترض **أو استباحة لممنوع عرض **وغسل وجه غسله اليدين **ومسح رأس غسله الرجلين **والفرض عم مجمع الأذنين** والمرفقين عم والكعبين **خلل أصابع اليدين وشعر** وجه إذا من تحته الجلد ظهر.

شرح فرائض الوضوء السبعة وفقًا للمتن:

 - النية (نية في بدئه): النية واجبة عند بدء الوضوء، ويجب أن ينوي رفع الحدث أو استباحة ما منع من عبادة.

 - غسل الوجه (غسل وجه): يجب غسل جميع الوجه من منبت الشعر إلى الذقن ومن الأذن إلى الأذن، بما يشمل أيضًا غسل الحواجب والأهداب إذا لم يكن فيها مانع.

 - غسل اليدين إلى المرفقين (غسله اليدين): يجب غسل اليدين إلى المرفقين، والمرفق داخل في الغسل.

 - مسح الرأس (مسح رأس): في المذهب المالكي، يجب مسح الرأس كاملاً، ويشمل المسح الأذنين.

 - غسل الرجلين إلى الكعبين (غسله الرجلين): يجب غسل الرجلين إلى الكعبين مع التأكد من وصول الماء لكل القدم والكعبين.

 - الدلك (دلك): الدلك هو تمرير اليد على العضو أثناء غسله، وهو من فرائض الوضوء في المذهب المالكي لضمان وصول الماء إلى البشرة.

- الموالاة (فور): الموالاة تعني غسل الأعضاء بشكل متتابع دون فاصل زمني كبير، ويُشترط في المالكية ألا يجف العضو السابق في بيئة معتدلة قبل غسل العضو الذي يليه.

 * التنبيهات الإضافية من ابن عاشر:

- تخليل أصابع اليدين (خلل أصابع اليدين): يجب تخليل الأصابع، بحيث يصل الماء إلى ما بينها.
- تخليل شعر الوجه (خلل ... شعر وجه): يجب تخليل شعر الوجه إذا كان خفيفًا ويظهر الجلد من تحته.

 القيم المستنبطة من الوضوء 

 - النقاء الداخلي والخارجي: الوضوء يطهّر الجسد ويهيئ النفس، وهو تذكير دائم للمسلم بأهمية النظافة الظاهرة والنقاء الباطني.
 - الانضباط والإخلاص: يحتاج المسلم إلى الالتزام في الوضوء والإخلاص في نيته، مما يعزز لديه الانضباط في حياته اليومية ويحثه على الطاعة الدائمة.
 - التجديد الروحي: يعتبر الوضوء تجديدًا للعهد بين المسلم وربه، وتذكيرًا بالوقوف بين يدي الله بنقاء وصفاء.
 - التواضع أمام الله: الوضوء فيه استحضار للمسلم مكانة الله واستشعارٌ للعبودية أمامه، مما يدعوه للتواضع والابتعاد عن الكِبر.

 أسئلة التقويم :( أجب عن الأسئلة التالية قبل الإطلاع على إجابات أسئلة التقويم ).

 - عرف الوضوء من الناحية اللغوية والاصطلاحية.
 - اذكر فرائض الوضوء السبعة في المذهب المالكي مع شرح بسيط لكل منها.
 - ما حكم الوضوء في الإسلام، وما الدليل الشرعي عليه؟
 - ما المقصود بالدلك في الوضوء؟ ولماذا يعد من فرائض الوضوء عند المالكية؟
 - كيف يساهم الوضوء في تعزيز القيم الروحية والنفسية للمسلم؟
 - ما معنى الموالاة، وهل يجب تطبيقها في الوضوء في المذهب المالكي؟
 - بين كيف يؤثر الوضوء في حياة المسلم اليومية؟

 خاتمة 

في ختام درسنا حول فرائض الوضوء، يتبين لنا أهمية الوضوء في حياة المسلم، فهو ليس مجرد طهارة مادية، بل عبادة روحية تعزز النظافة والنقاء الداخلي والخارجي، وتعلم المسلم الانضباط والإخلاص في العبادة. وقد رأينا أن الفقه الإسلامي يحرص على توضيح أركان الوضوء وشروطه ليؤديها المسلم على أكمل وجه، فيكون مستعدًا للوقوف بين يدي الله بقلب طاهر وجسد نقي. نسأل الله أن يوفقنا جميعًا للالتزام بآداب الطهارة والوضوء، وأن يجعلها وسيلة تقربنا منه عز وجل، وتزيدنا طمأنينة واستقرارًا في عباداتنا وحياتنا اليومية.


- إجابات أسئلة التقويم : 

. عرّف الوضوء من الناحية اللغوية والاصطلاحية.

 - التعريف الاصطلاحي للوضوء: الوضوء في الشرع هو استخدام الماء الطاهر في غسل أعضاء معينة بنية العبادة ورفع الحدث الأصغر، كالاستعداد لأداء الصلاة والطواف وقراءة القرآن، مما يجعله شرطًا لصحة بعض العبادات.

 - التعريف اللغوي للوضوء: الوضوء في اللغة مشتق من الوضاءة، والتي تعني البهاء والنظافة. فالوضوء يُكسب الإنسان نورًا ونظافة، ويُشعره بالانتعاش والطهارة.

. اذكر فرائض الوضوء السبعة في المذهب المالكي مع شرح بسيط لكل منها.

في المذهب المالكي، فرائض الوضوء سبعة، كما أوردها ابن عاشر في متنه:
- النية: أن ينوي الشخص عند بداية الوضوء رفع الحدث الأصغر أو استباحة ما منع من عبادة، مثل الصلاة. النية تكون في القلب دون النطق بها.
- غسل الوجه: يجب غسل الوجه من منبت الشعر إلى أسفل الذقن ومن الأذن إلى الأذن الأخرى، ويشمل هذا غسل الحواجب والأهداب. وفي حال كان شعر الوجه خفيفًا ويظهر الجلد تحته، فيجب غسل الجلد أيضًا.
- غسل اليدين إلى المرفقين: يشمل غسل اليدين من أطراف الأصابع إلى المرفقين، ويعتبر المرفقان داخلين في الغسل.
- مسح الرأس: يجب مسح الرأس كاملًا، ويشمل المذهب المالكي الأذنين ضمن الرأس، وبالتالي يُمسح الرأس كله مع الأذنين.
- غسل الرجلين إلى الكعبين: يجب غسل الرجلين من أطراف الأصابع إلى الكعبين، ويشمل الكعبين، ويجب تخليل أصابع القدمين لضمان وصول الماء بينها.
- الدلك: هو تمرير اليد على العضو المغسول لضمان وصول الماء إلى جميع أجزاء العضو، وهو فرض عند المالكية.
- الموالاة: وهي غسل الأعضاء بشكل متتابع دون فاصل زمني طويل، بحيث لا يجف العضو الأول في بيئة معتدلة قبل غسل العضو التالي.

. ما حكم الوضوء في الإسلام، وما الدليل الشرعي عليه؟

حكم الوضوء: الوضوء واجب لصحة الصلاة والطواف حول الكعبة. وهو مطلوب لكل صلاة فريضة أو نافلة، ويُسنّ كذلك عند قراءة القرآن أو الذكر.
*الدليل الشرعي:
- من القرآن: قال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ" [المائدة: 6].
- من السنة النبوية: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تُقبل صلاة بغير طهور" [صحيح مسلم].

. ما المقصود بالدلك في الوضوء؟ ولماذا يعد من فرائض الوضوء عند المالكية؟

المقصود بالدلك: الدلك هو تمرير اليد على العضو أثناء غسله في الوضوء للتأكد من وصول الماء إلى جميع أجزائه وعدم ترك أي جزء من العضو دون طهارة.
- سبب اعتباره فرضًا في المذهب المالكي: يُعتبر الدلك فرضًا لضمان وصول الماء بشكل كامل إلى كل العضو المغسول، ولأن هذا يحقق الطهارة المطلوبة في العبادة.

. كيف يساهم الوضوء في تعزيز القيم الروحية والنفسية للمسلم؟

الوضوء يعزز عدة قيم روحية ونفسية، منها:
- النقاء الداخلي والخارجي: الوضوء طهارة للبدن وتهيئة للنفس، مما يجعل المسلم يشعر بالنقاء الداخلي والخارجي، ويدفعه للابتعاد عن المعاصي.
- الإخلاص والانضباط: الوضوء يحتاج إلى نية وإخلاص، مما يعزز انضباط المسلم وتوجهه بصدق نحو العبادة.
- التواضع والخضوع لله: الوضوء يذكر المسلم بعبوديته لله ويعلمه التواضع، حيث يقف بين يديه طاهرًا من الداخل والخارج.
- التجديد المستمر: الوضوء يجدد النشاط الروحي للمسلم ويعده للعبادة باستمرار، مما يزيده طمأنينة وراحة نفسية.

  . ما معنى الموالاة، وهل يجب تطبيقها في الوضوء في المذهب المالكي؟
معنى الموالاة: الموالاة هي غسل أعضاء الوضوء بشكل متتابع دون فاصل زمني طويل. بحيث لا يجف العضو السابق في بيئة معتدلة قبل غسل العضو الذي يليه.
- وجوب الموالاة في المذهب المالكي: في المذهب المالكي، الموالاة شرط من شروط صحة الوضوء، فإذا حدث انقطاع طويل بين غسل الأعضاء أدى إلى جفاف العضو السابق، وجب إعادة الوضوء من جديد.

. بين كيف يؤثر الوضوء في حياة المسلم اليومية؟

الوضوء له أثر إيجابي واضح على حياة المسلم اليومية، حيث:
- يزيد من النظافة الشخصية: الوضوء يضمن أن المسلم يعتني بنظافة جسده عدة مرات يوميًا، مما يحافظ على صحته ونظافته.
- يعزز من الإحساس بالصفاء الروحي: الوضوء ليس فقط طهارة جسدية، بل أيضًا طهارة روحية تهيئ المسلم لملاقاة ربه، وتجعل قلبه نقيًا ومتصلًا بالله.
- يساعد في الانضباط الشخصي: الوضوء يتطلب دقة في التطبيق والالتزام بالشروط والأركان، مما يعزز الانضباط ويغرس في النفس حب الالتزام بالعبادات.
- يعزز الذكر والاستحضار الدائم لله: بتكرار الوضوء، يتذكر المسلم الله ويحضر نيته، مما يجعله دائمًا على صلة بالله في كل وقت، وهذا ينعكس إيجابيًا على سلوكه ومعاملاته اليومية.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-