درس تعليمي 7: فرائض الغسل وسننه ومندوباته في الإسلام وفق المذهب المالكي: شرح مفصل من متن ابن عاشر
![]() |
درس تعليمي 7: فرائض الغسل وسننه ومندوباته في الإسلام وفق المذهب المالكي: شرح مفصل من متن ابن عاشر |
الطهارة في الإسلام ليست مجرد طقوس أو إجراءات ظاهرية، بل هي انعكاس لجوهر الدين الذي يربط بين الطهارة المادية والنقاء الروحي، ومن بين صور الطهارة العظيمة التي أقرها الإسلام "الغسل"، الذي يُعتبر من أهم العبادات المرتبطة برفع الحدث الأكبر وإعداد المسلم للدخول في حالة من الصفاء والقبول أمام الله عز وجل، لكن ومع تعدد الأحكام الشرعية المتعلقة بالغسل وتنوع حالاته بين الفرض والاستحباب، تبرز العديد من التساؤلات التي تحتاج إلى بيان وتوضيح.
هل الغسل شرط لصحة بعض العبادات أم يمكن تجاوزه في ظروف معينة؟ وما هي الفروقات بين الفرض والسنة والمندوب في الغسل؟ كيف يمكن للمسلم تحقيق الغسل الكامل وفق ما جاء في السنة النبوية، وما هي الآداب المرتبطة به؟ وماذا لو واجه المسلم صعوبة في الوصول إلى الماء أو عجز عن القيام بالغسل بالطريقة المعتادة؟
هذه الإشكاليات وغيرها تعكس أهمية دراسة أحكام الغسل، بدءًا من التعرف على مفهومه وأهميته في الإسلام، مرورًا ببيان الحالات التي يجب أو يستحب فيها الغسل، وصولًا إلى تفصيل خطواته، وذكر فوائده وآثاره في حياة المسلم. من خلال هذا الدرس، سنسعى للإجابة عن هذه التساؤلات وطرح الأحكام الشرعية بشكل دقيق ومبسط، مسترشدين بأقوال العلماء وما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.
الغسل في الإسلام
الغسل في الإسلام هو عبادة عظيمة تجمع بين الطهارة الحسية والمعنوية، وهو وسيلة للتقرب إلى الله وتنقية النفس والجسد من الأوساخ المادية والمعنوية. يُعرّف الغسل شرعًا بأنه تعميم الماء على جميع الجسد بنية رفع الحدث الأكبر، وهو من أرقى مظاهر الطهارة التي أقرها الإسلام لإعداد المسلم لممارسة عباداته، كالصلاة والطواف بالبيت، وقراءة القرآن. وقد شُرع الغسل تحقيقًا للنظافة التامة وإعدادًا للعبد ليكون في حالة كمال لطاعة الله.
تتجلى أهمية الغسل في كونه شرطًا أساسيًا لصحة بعض العبادات الكبرى، مثل الصلاة التي لا تُقبل من المسلم إلا إذا كان طاهرًا من الحدثين الأصغر والأكبر، قال الله تعالى: "وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا" [المائدة: 6]، وأكد النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الأمر بقوله: "لا تُقبل صلاة بغير طهور". ومن هنا يظهر كيف أن الغسل ليس مجرد فعل تنظيمي بل هو شعيرة تعبدية تعكس مدى أهمية الطهارة في الدين الإسلامي.
والغسل قد يكون واجبًا في حالات معينة مثل الجنابة، والحيض، والنفاس، والدخول في الإسلام عند الكافر، والوفاة حيث يُغسّل المسلم بعد موته، كما يُستحب في مناسبات أخرى لما فيه من زيادة في الطهارة والتقرب إلى الله، كالغسل يوم الجمعة، وفي يوم العيدين، وعند الإحرام للحج أو العمرة. كما يُستحب الغسل لمن كان في حالة احتكاك اجتماعي واسع، مثل من أتى من سفر أو بعد الاحتكاك بأعمال تتطلب جهدًا بدنيًا كبيرًا.
فالغسل إذًا هو جزء من الحياة اليومية للمسلم، ويعكس اهتمام الشريعة الإسلامية بالطهارة والنظافة كجزء لا يتجزأ من العبادات، ويعمل على تهذيب الروح والجسد ليكونا في أعلى درجات الاستعداد للتقرب إلى الله سبحانه وتعالى.
فرائض الغسل
فروض الغسل في الإسلام تمثل الأسس التي لا يمكن أن يُقبل الغسل إلا بتحقيقها، وهي مجموعة من الأركان التي تجعل من عملية الغسل عبادة صحيحة تستوفي شروط الطهارة المطلوبة شرعًا. وأول هذه الفروض النية والقصد، حيث يُشترط في الغسل أن ينوي المسلم رفع الحدث الأكبر أو استباحة ما لا يُباح إلا بالغسل كالصلاة والطواف، فالنية هي التي تميز بين العبادة والعادة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات"، والنية تكون بالقلب دون اشتراط التلفظ بها، ويكفي أن يعقد المسلم في قلبه القصد إلى التطهر.
وثانيها هو الفور في أداء الغسل يعني أن يقوم المسلم بغسل أعضاء بدنه دون فصل زمني طويل بين أجزاء الغسل، وذلك لتحقيق الاستمرارية المطلوبة في الطهارة، والفور يبرز أهمية النشاط في أداء العبادة، وعدم التساهل أو التكاسل أثناء تطبيقها. وإن كان هناك عذر شرعي يستدعي التوقف، كنفاد الماء أو مرض مفاجئ، فإن الفور يسقط ويستكمل المسلم غسله فور زوال العذر.
وتعميم الماء على البدن يعد من أهم فروض الغسل وثالثها، ويشمل ذلك أن يصل الماء إلى جميع أجزاء الجسم دون استثناء، تحقيقًا لمعنى الطهارة الكاملة التي تزيل الحدث الأكبر، ووجوب التعميم يستند إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "تحت كل شعرة جنابة، فبلوا الشعر وأنقوا البشر". لذا لا بد للمسلم أن يحرص على وصول الماء إلى كل جزء من جسده، بما في ذلك الأماكن التي قد يصعب وصول الماء إليها.
والدلك وتخليل الشعر جزء أساسي من الغسل وهو رابع الفرائض ، حيث يُطلب من المسلم أن يدلك جسده أثناء الغسل لضمان أن الماء قد وصل إلى كل موضع، والدلك يعبر عن الاهتمام بالعبادة وأداءها بشكل دقيق، ويعكس العناية بالتطهر الجسدي كجزء من العبودية لله. و تخليل الشعر يضمن وصول الماء إلى جذوره، سواء كان الشعر كثيفًا أو خفيفًا، لتحقيق الطهارة المطلوبة.
ومتابعة غسل الأماكن الخفية تعني أن يولي المسلم اهتمامًا خاصًا بالأماكن التي لا يظهر منها إلا القليل، مثل الإبطين وداخل الأذنين ومواضع ثني الجسم، فالإسلام شدد على الطهارة في هذه الأماكن لأنها قد تكون عرضة لتراكم الأوساخ. وللتأكد من الطهارة الكاملة، يُستحب للمسلم استخدام وسائل معينة للوصول إلى هذه المناطق إذا استدعى الأمر، مثل قطعة قماش أو اليدين لتدليك هذه المواضع.
تحليل هذه الفروض يبرز دقة الشريعة الإسلامية في ربط العبادة بالتنظيف الجسدي والمعنوي، مما يجعل الغسل عبادة شاملة تتجاوز الشكل الظاهري لتصل إلى عمق الارتباط الروحي بين العبد وربه.
كيفية التعامل مع الأماكن الصعبة الوصول في الغسل
التعامل مع الأماكن الصعبة الوصول أثناء الغسل يُعد من القضايا المهمة التي تعكس مدى دقة الشريعة الإسلامية وحرصها على تحقيق الطهارة الكاملة للجسد، فهناك مناطق قد تكون خفية أو يصعب وصول الماء إليها بطبيعتها، مثل الإبطين وما بين الأليتين، وقد شدد الفقهاء على ضرورة غسل هذه المواضع، لأن تركها دون طهارة قد يؤدي إلى نقص في العبادة وعدم اكتمال الغسل، فهذه المناطق هي مواضع تتجمع فيها الأوساخ بشكل طبيعي، ويُطلب من المسلم بذل الجهد اللازم لإزالة تلك الأوساخ حتى يتحقق مفهوم الطهارة الكاملة.
وغسل الإبطين وما بين الأليتين يتطلب من المسلم العناية والدقة أثناء الغسل، وذلك من خلال التأكد من أن الماء قد وصل إلى هذه المواضع، ويمكن تحقيق ذلك باستخدام اليدين لتدليك هذه المناطق وتوصيل الماء إليها، مع مراعاة تنظيفها بشكل جيد، هذه العناية تعكس ارتباط الطهارة الجسدية بالطهارة الروحية، حيث أن المسلم الذي يهتم بهذه التفاصيل الصغيرة يُظهر رغبته في الامتثال لأوامر الله بأدق تفاصيلها.
وعند وجود صعوبة في الوصول إلى بعض الأماكن الخفية بسبب طبيعة الجسد أو لأي ظرف آخر، يُباح للمسلم استخدام المنديل أو الأدوات المساعدة كقطعة قماش أو أي وسيلة يمكن أن تُسهم في إيصال الماء إلى تلك المناطق، هذا التوجيه يُظهر مرونة الشريعة الإسلامية وحرصها على رفع الحرج عن المسلم في أداء عباداته، فاستخدام الأدوات المساعدة ليس خروجًا عن العبادة، بل هو وسيلة لتحقيق الطهارة المطلوبة، مما يبرز جانب التيسير الذي تتسم به أحكام الإسلام.
أما في الحالات التي يكون فيها المسلم عاجزًا عن غسل بعض المناطق بسبب مرض أو إعاقة أو أي عذر آخر، فقد أجاز الشرع التوكيل في الغسل. وهذا يعني أن يُعين المسلم شخصًا آخر يساعده في إيصال الماء إلى تلك المناطق الصعبة، مع الحرص على مراعاة الضوابط الشرعية المتعلقة بالستر والخصوصية، وحكم التوكيل في هذه الحالة يعكس قيمة التعاون في الإسلام، حيث يُسمح للآخرين بالمساعدة لضمان أداء العبادة بشكل صحيح دون أن يتعرض المسلم للعنت أو المشقة.
تحليل هذه الجوانب يُظهر بوضوح كيف أن الإسلام يجمع بين الدقة في أداء العبادة وبين التيسير ورفع الحرج، مما يجعل من الغسل عبادةً تحفز المسلم على تحقيق الطهارة الكاملة دون أن يشعر بأي عبء نفسي أو جسدي.
سنن الغسل
سنن الغسل هي تلك الأعمال التي يُستحب للمسلم القيام بها أثناء الغسل لزيادة الكمال في العبادة، وإن كانت ليست واجبة، إلا أن المواظبة عليها تدل على حب المؤمن للالتزام بسنة النبي صلى الله عليه وسلم والاقتداء به، ومن أبرز هذه السنن المضمضة والاستنشاق والاستنثار، فالمضمضة تعني إدخال الماء في الفم وتحريكه لتنظيفه، وهي سنة تهدف إلى تطهير الفم من بقايا الطعام أو الروائح الكريهة وإعداده لذكر الله، أما الاستنشاق فهو إدخال الماء إلى الأنف، والاستنثار إخراجه لتنظيف تجويف الأنف مما قد يكون فيه من أوساخ، وهذه السنة لا تهدف فقط إلى النظافة الحسية، بل تعبر عن استعداد المسلم للطهارة الكاملة التي تشمل كل الحواس.
من السنن الأخرى التي يُستحب القيام بها غسل اليدين قبل الشروع في الغسل، وذلك لأن اليدين هما الوسيلة التي يستخدمها المسلم لتطهير بقية الجسد، وغسل اليدين في البداية يعبر عن الحرص على نظافة الأدوات المستخدمة في الطهارة. كما أن هذا العمل يُعلم المسلم أهمية البداية بالطهارة في أي عمل يتعلق بالعبادة، مما يعكس الترتيب والتنظيم في الأمور الدينية والدنيوية.
وغسل ثقبي الأذنين يُعتبر أيضًا من السنن المهمة، حيث يعبر عن العناية بالأماكن الدقيقة والخفية في الجسم، فالأذنان هما من الحواس الأساسية التي يستخدمها الإنسان في سماع ذكر الله والآيات القرآنية، ولذلك فإن تنظيف ثقبي الأذنين أثناء الغسل يعبر عن الحرص على طهارتهما واستعدادهما للتلقي الحسي والروحي، وغسل ثقبي الأذنين يرمز أيضًا إلى إدراك المسلم لأهمية النظافة في كل تفاصيل جسده، مما يعكس عظمة الإسلام في الجمع بين الطهارة الحسية والروحية.
والمحافظة على هذه السنن أثناء الغسل تعكس حب المسلم للالتزام بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وسعيه للوصول إلى الكمال في عبادته. كما أنها تدرب المسلم على الانتباه للتفاصيل الدقيقة في حياته الدينية، مما يجعله أكثر وعيًا واهتمامًا بالنظافة والطهارة كجزء لا يتجزأ من سلوكياته اليومية، فسنن الغسل إذا ليست مجرد أعمال ظاهرية، بل هي تعبير عن الإخلاص في العبادة والامتثال لله بأدق التفاصيل.
مندوبات الغسل
مندوبات الغسل هي تلك الأعمال التي يُستحب للمسلم القيام بها أثناء الغسل لتحصيل الأجر وزيادة الكمال في العبادة، وأول هذه المندوبات هو غسل مواضع الأذى قبل البدء في الغسل، وهو أمر يعبر عن عناية الإسلام بالنظافة والترتيب. فتنظيف مواضع الأذى أولًا يُزيل النجاسة الظاهرة، مما يجعل الماء المستخدم في الغسل طاهرًا ونظيفًا، ويساعد في تحقيق الطهارة الكاملة بطريقة منظمة، وهذا العمل يرمز إلى الحرص على إزالة كل ما يمكن أن يعيق الطهارة قبل الدخول في العبادة، مما يترك أثرًا إيجابيًا على طهارة النفس والجسد.
والتسمية عند بدء الغسل هي سنة تعبر عن استحضار نية العبادة واستفتاح العمل بذكر الله، فالتسمية تُظهر ارتباط المسلم بالله في جميع شؤونه، وتجعل الغسل عبادة مقصودة يتقرب بها العبد إلى ربه، وهذا التوجيه البسيط في ظاهره يعكس معنى عظيمًا يتمثل في استحضار القلب والنفس للعبادة بجميع تفاصيلها، مما يزيد من خشوع المسلم ويعمق إدراكه لقيمة الطهارة كجزء من العلاقة بينه وبين الله.
وتثليث غسل الرأس أثناء الطهارة الكبرى يُعد من المندوبات التي تعكس عناية الإسلام بإتمام الطهارة وإحسانها، فغسل الرأس ثلاث مرات يُظهر اهتمام المسلم بتنظيف هذه المنطقة التي تعبر عن الفكر والإرادة. هذا العمل يُرسخ مبدأ الإحسان في العبادة، حيث لا يكتفي المسلم بأقل الجهد، بل يسعى إلى تقديم الأفضل، كما أن التثليث يعبر عن التكرار الهادف الذي يزيد من الطهارة الحسية والروحية.
وتقديم أعضاء الوضوء في الغسل هو من المندوبات التي تعكس ترتيبًا منطقيًا ومنظمًا في العبادة، فالبدء بالوضوء قبل غسل بقية الجسم يجعل الغسل متسلسلًا ومنظمًا، مما يساعد على تركيز النية واستحضار أهمية الطهارة في كل جزء من أجزاء الجسد، وهذا التقديم يُظهر أن الإسلام يهتم بالتدرج والتنظيم، سواء في العبادات أو في الحياة اليومية، مما ينعكس إيجابًا على شخصية المسلم وسلوكياته.
والترتيب في الغسل من أعلى الجسم إلى أسفله، مع تقديم الجانب الأيمن على الأيسر، هو من المندوبات التي تعكس حرص الإسلام على التناسق والجمال في الطهارة، فالبدء بأعلى الجسم يعبر عن الاهتمام بالمناطق التي تظهر للناس وتعكس جمال الإنسان، بينما غسل الجانب الأيمن أولًا يعبر عن فضله في الشريعة الإسلامية، وهذا الترتيب لا يقتصر على النظافة الظاهرية فحسب، بل يحمل دلالة عميقة على أهمية التوازن في حياة المسلم والاهتمام بجميع تفاصيل الجسد والنفس على حد سواء، فالمندوبات في الغسل ليست مجرد عادات أو أعمال ظاهرية، بل هي وسائل تُظهر التزام المسلم بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وسعيه لإتمام العبادة بأفضل صورة، مما ينعكس على طهارته الروحية وسلوكياته الحياتية.
آداب الغسل ومكروهاته
آداب الغسل في الإسلام تمثل قيمًا سامية تجمع بين الطهارة الجسدية والرقي الأخلاقي، وتعكس احترام المسلم لجسده وحرصه على أداء العبادة بأدب ووقار، ومن أبرز هذه الآداب التستر أثناء الغسل، إذ يُستحب للمسلم أن يغتسل في مكان ساتر بعيد عن أعين الناس، تحقيقًا للعفة وصيانة للحياء، فالإسلام دين يكرم الإنسان ويحثه على المحافظة على كرامته، ويجعل الحياء من الإيمان، لذلك كان التستر أثناء الغسل أدبًا عظيمًا يرسخ هذا المعنى، وهذا السلوك يعكس أيضًا احترام المسلم لنفسه وحرصه على عدم انتهاك خصوصية الجسد، حتى وإن كان وحده.
والاقتصاد في استخدام الماء أثناء الغسل هو من الآداب التي حث عليها الإسلام لما فيها من مراعاة للموارد الطبيعية والبيئة، فالنبي صلى الله عليه وسلم حذر من الإسراف في الماء حتى وإن كان المسلم على نهر جار، مما يعكس وعيًا عميقًا بأهمية الحفاظ على نعمة الماء، والاقتصاد لا يعني التقليل من تحقيق الطهارة، بل يعني الاعتدال واستخدام ما يكفي لإتمام الغسل دون تبذير، وهذا الأدب يعزز في المسلم شعور المسؤولية تجاه نعم الله ويعلمه أن يكون حريصًا على عدم إهدارها.
وتجنب الإسراف في الغسل من المكروهات التي تخالف مقصد الشريعة في الطهارة، حيث إن الغسل عبادة تهدف إلى تحقيق النظافة الروحية والجسدية دون إفراط أو تفريط، والإسراف في الماء ليس فقط تعديًا على حدود الاعتدال، بل يُظهر غفلة عن قيمة النعم التي وهبها الله للإنسان، والإسلام يدعو دائمًا إلى الوسطية في كل شيء، والغسل لا يخرج عن هذا المبدأ، لذلك فإن المسلم الذي يتجنب الإسراف يُحقق مقصود الطهارة بوعي ويعبر عن شكره لله على نعمة الماء.
فآداب الغسل ومكروهاته تجمع بين تعليمات عملية وتوجيهات أخلاقية، مما يجعلها عبادة تعكس شمولية الإسلام وحرصه على تحقيق التوازن بين الظاهر والباطن، وهذه الآداب تغرس في المسلم معاني الحياء والاعتدال والشكر، وتجعل من الغسل عبادة تهدف إلى أكثر من مجرد تنظيف الجسد، بل تشمل تطهير الروح وغرس القيم الفاضلة في حياة المسلم اليومية.
الحالات الموجبة للغسل
الحالات التي توجب الغسل في الإسلام تمثل محطات مهمة في حياة المسلم، حيث تجتمع فيها الطهارة الجسدية مع الطهارة الروحية، ويكون الغسل وسيلة لتجديد العهد مع الله واستئناف الحياة في طهارة وعبادة، ومن أبرز هذه الحالات حالة الجنابة، وهي ما يترتب على الجماع أو خروج المني سواء في اليقظة أو النوم، فالجنابة تعبر عن حالة من حالات الفطرة التي أقرها الإسلام وأمر بالطهارة منها، وذلك لضمان حضور المسلم إلى الصلاة وسائر العبادات في أكمل صورة من النقاء، والغسل من الجنابة يعكس عناية الإسلام بالطهارة كشرط لصحة العبادة، وهو أمر يدعو إلى التأمل في حكمة التشريع الذي يربط بين الطهارة الجسدية والاستعداد النفسي للوقوف بين يدي الله.
والحيض والنفاس هما حالتان طبيعيتان تمر بهما المرأة، وقد أوجب الإسلام الغسل بعدهما كوسيلة للعودة إلى الطهارة بعد انقطاع الدم، فالغسل هنا ليس مجرد إجراء صحي، بل هو عبادة تجدد النشاط الروحي والجسدي، وتذكر المرأة بنعمة الإسلام الذي يحرص على مراعاة فطرتها الطبيعية، والغسل من الحيض والنفاس يعكس كذلك عناية الإسلام بالنظافة الشخصية، ويدل على مكانة المرأة في الشريعة التي تراعي حالتها وتضع لها أحكامًا تناسب طبيعتها، ومن خلال هذا التشريع، يجتمع الجانب التعبدي مع الجانب الصحي في تناغم يبرز جمال الدين الإسلامي.
والموت حالة تستوجب الغسل للمسلم الذي فارق الحياة، والغسل هنا يُعد تكريمًا للميت واستعدادًا لنقله إلى مثواه الأخير في طهارة تليق بلقائه مع ربه، والإسلام حث على الغسل للميت كجزء من حقوقه على المجتمع المسلم، حيث يتم تنظيف جسده وتطييبه ليكون في أجمل صورة عند وضعه في الكفن والصلاة عليه، فالغسل للموتى يعكس روح التكافل والتعاون في الإسلام، ويؤكد على أن حقوق المسلم لا تنقطع بموته، بل تمتد لتشمل التعامل معه بإكرام واحترام حتى يُدفن. كذلك يُستحب للمسلم أن يغتسل بعد تغسيل الميت كوسيلة للاحتراز من النجاسة التي قد تكون قد أصابته أثناء التغسيل.
وهذه الحالات الموجبة للغسل تجمع بين أحكام تراعي جوانب الفطرة والطبيعة البشرية، وأخرى تتصل بالعبادة والتكافل الاجتماعي، مما يجعلها تعكس شمولية الإسلام في معالجة مختلف الجوانب الحياتية، فالغسل في هذه الحالات يربط بين النظافة الجسدية والمعاني الروحية، ويُبرز قيمة الطهارة كعنصر أساسي في حياة المسلم وعبادته.
الفرق بين الغسل الكامل والغسل المجزئ
الفرق بين الغسل الكامل والغسل المجزئ يظهر في تفاصيل الأداء والنية ومدى شمولية التطبيق، فالغسل المجزئ هو الذي يتحقق به الفرض ويكفي لإزالة الجنابة أو الحدث الأكبر، ويقتصر على أداء الفرائض دون الالتفات إلى السنن أو المستحبات، والغسل المجزئ يتطلب النية كأول شرط، وهي أن ينوي المسلم رفع الحدث الأكبر والتطهر للعبادة. بعد النية يتم تعميم الماء على جميع الجسد مرة واحدة بحيث تصل المياه إلى كل الأعضاء الظاهرة، ويجب الحرص على إيصال الماء إلى الأماكن التي يصعب وصوله إليها كالأذنين وتحت الإبطين وما بين الأصابع، فالغسل المجزئ يفي بالغرض المطلوب لكنه لا يحقق الإتمام الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم.
أما الغسل الكامل فهو الذي يجمع بين الفرائض والسنن والمستحبات، مما يجعله أكمل صورة للغسل كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم. يبدأ الغسل الكامل بالنية في القلب ثم التسمية، ثم غسل اليدين ثلاث مرات كنوع من الاستعداد للطهارة. يلي ذلك غسل مواضع النجاسة إن وُجدت لإزالة الأذى. ثم يقوم المسلم بالوضوء الكامل كما لو كان للصلاة، وهو جزء من سنن الغسل التي تعكس اكتمال الطهارة، وبعد الوضوء يتم سكب الماء على الرأس ثلاث مرات مع الحرص على تدليك فروة الرأس وتخليل الشعر لتصل المياه إلى جذوره، بعد ذلك يتم غسل سائر البدن، مع العناية بترتيب الغسل بحيث يبدأ بالأعلى وينتهي بالأسفل، مع مراعاة غسل الأعضاء اليمنى قبل اليسرى. يتم التأكد من غسل الأماكن الصعبة كالركبتين وبين الأليتين وتحت الإبطين، ويُنصح باستخدام اليد أو ما يساعد على إيصال الماء إلى هذه المواضع.
فالغسل المستحب يتضمن خطوات إضافية تجعل منه طهارة متكاملة، ويُستحب أن يبدأ المسلم بغسل مواضع النجاسة أولاً، ثم أن يغسل بدنه بأكمله باستخدام اليد أو منديل إذا كان ذلك يساعد في إيصال الماء إلى الأعضاء. يُفضل التسمية قبل الغسل والدعاء أثناءه، وأن يكرر غسل الأعضاء ثلاث مرات تحقيقًا للسنة، ويُستحب أيضًا البدء بالأعضاء اليمنى ثم اليسرى، وأن يكون الغسل من أعلى الجسم إلى أسفله.
التفريق بين الغسل الواجب والمستحب يُظهر مرونة الشريعة الإسلامية التي تراعي الظروف والأحوال، فالغسل الواجب يتحقق بالحد الأدنى الذي يزيل الحدث الأكبر، بينما الغسل الكامل أو المستحب يضيف أبعادًا من الطهارة تعكس حب المسلم لإتمام العبادة بأفضل صورة، وبهذا يتحقق التوازن بين الالتزام بالفرض والحرص على السنة، مما يعزز روح الطهارة والعناية بالنظافة الجسدية والروحية.
أحكام الغسل عند وجود موانع
عندما تواجه المسلم موانع تمنعه من أداء الغسل بالشكل المعتاد، فإن الشريعة الإسلامية تراعي تلك الحالات وتقدم حلولًا بديلة تحفظ الطهارة وتيسر العبادة، فإذا كان على المسلم غسل واجب ولكنه يعاني من جرح في جزء من جسده، فإن عليه أن يغسل بقية البدن مع الاحتفاظ بالجزء المصاب بعيدًا عن الماء إذا كان الغسل يضر به أو يزيد من حالته سوءًا، وفي هذه الحالة إذا كانت الجبيرة أو الضماد تغطي الجرح، فعليه مسحها بيده المبللة بالماء بدلاً من غسل الموضع مباشرة، وذلك تحقيقًا للقاعدة الفقهية التي ترفع الحرج في حالة الضرورة، والمسح يجب أن يكون بقدر الحاجة فقط دون إسراف أو مبالغة، ويُراعى في ذلك التأكد من عدم إيذاء الجرح أو تأخير شفاءه.
وإذا تعذر استخدام الماء تمامًا بسبب المرض أو وجود ظروف خاصة كالبرد الشديد الذي قد يسبب ضررًا بالغًا، فإن التيمم يصبح بديلًا مشروعًا عن الغسل، والتيمم هو ضرب اليدين بالتراب الطاهر ثم مسح الوجه والكفين، وهو ما يُعد طهارة رمزية تُحقق رفع الحدث في الحالات التي لا يمكن فيها استعمال الماء، والتيمم كبديل عن الغسل يعتبر نعمة من الله تعالى، ويُبرز مرونة الشريعة ورحمتها، حيث جاء في قوله تعالى في سورة المائدة الآية 6 "...فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدًا طيبًا". هذه الرخصة تشمل جميع الحالات التي يتعذر فيها الغسل سواء لأسباب صحية أو بيئية.
وإذا كان المانع مؤقتًا كوجود جبيرة أو مرض يُرجى شفاؤه، فإن التيمم أو المسح يكونان بديلاً مؤقتًا فقط، ويجب على المسلم أن يعيد الغسل عندما يزول العذر ويتمكن من استعمال الماء، أما إذا كان المانع دائمًا كمرض مزمن يمنع استخدام الماء، فإن التيمم يُصبح دائمًا بديلًا عن الغسل ويُؤدى بنفس الطريقة التي شُرعت للتخفيف من المشقة، وهذه الأحكام تُبرز وسطية الإسلام وتأكيده على تحقيق الطهارة دون تعريض الإنسان لأي ضرر أو أذى، كما تُظهر قيمة الرحمة واليسر في الشريعة، التي تجعل من الالتزام الديني عبادة تُراعي ظروف الإنسان وحالته.
فوائد الغسل من الناحية الروحية والصحية
الغسل في الإسلام ليس مجرد عبادة فرضها الله على عباده، بل هو وسيلة تجمع بين البعد الروحي والبعد الصحي، مما يجعله أحد أهم مظاهر الطهارة التي تحرص الشريعة على الالتزام بها، فمن الناحية الروحية يُعد الغسل وسيلة للتقرب إلى الله، حيث يرمز إلى تطهير الجسد من الحدث والروح من الذنوب، وهو بذلك يمثل انطلاقة جديدة للمسلم تجدد صلته بربه وتعيد إليه الشعور بالسكينة والطمأنينة، والطهارة تجعل المسلم مؤهلًا للوقوف بين يدي الله في الصلاة وسائر العبادات، وهذا يعكس التزامه بخضوع كامل لله وحرصه على تقديم نفسه في أبهى صورة من النظافة والطهارة، فالغسل يُعبر عن احترام المسلم لمقام العبادة وتهيئة الجسد والروح لاستقبال رحمة الله ومغفرته.
ومن الناحية الصحية، فإن الغسل يُحقق أهدافًا عظيمة تتعلق بالنظافة الشخصية والوقاية من الأمراض، فالماء عندما يُعمم على الجسد يزيل ما تراكم عليه من أوساخ وجراثيم، مما يُسهم في الحفاظ على صحة البشرة ويمنع الالتهابات الجلدية، والغسل يُساعد في تنشيط الدورة الدموية، حيث يُحفز الماء الجسم ويُخلصه من السموم العالقة على سطح الجلد، كما أن تنظيف أماكن معينة كاليدين وثقبي الأذنين والأنف يُقلل من انتقال الجراثيم إلى داخل الجسم، مما يُعزز الوقاية من الأمراض.
والغسل يُحقق أيضًا فوائد نفسية عظيمة، فهو يُشعر المسلم بالانتعاش والراحة النفسية، خاصة إذا كان في أوقات الحر أو بعد التعب، مما يُسهم في تحسين الحالة المزاجية ورفع مستوى النشاط، كما أن التزام المسلم بالغسل يُعزز ثقته بنفسه ويُظهره أمام الناس بمظهر حسن ونظيف، مما يُساعد في تقوية العلاقات الاجتماعية ويُبعد عنه الأذى أو النفور من الآخرين، وبهذه الجوانب المتعددة، يُصبح الغسل عبادة تجمع بين نقاء الجسد وصفاء الروح، ويُبرز الشمولية في تعاليم الإسلام التي تهتم بالجوانب المادية والمعنوية لحياة الإنسان.
أسئلة التقويم
إجابات أسئلة التقويم
- ما هي فروض الغسل الواجب أداؤها؟ فروض الغسل هي الأفعال التي لا يصح الغسل بدونها، وتتمثل في النية والقصد لتحديد الغسل كعبادة لله تعالى، والفور بمعنى عدم المماطلة أو الفصل الطويل أثناء الغسل، وتعميم الماء على جميع البدن بحيث يصل إلى كل جزء من الجسم الظاهر بما في ذلك البشرة والشعر، والدلك يُعتبر فرضًا في بعض المذاهب، وهو إمرار اليد على المواضع المغسولة لضمان وصول الماء، وكذلك تخليل الشعر لضمان وصول الماء إلى فروة الرأس. هذه الأركان تُعد أساسية لضمان صحة الغسل وفقًا للضوابط الشرعية.
- اذكر ثلاثًا من سنن الغسل مع شرحها: من سنن الغسل المضمضة والاستنشاق، حيث يُستحب أن يدخل الشخص الماء إلى فمه وأنفه أثناء الغسل، لما في ذلك من اكتمال للطهارة وتنظيف المنافذ، وغسل اليدين قبل بدء الغسل يُعتبر أيضًا من السنن المهمة، إذ يُزيل الأوساخ العالقة بهما قبل تعميم الماء على الجسد، وكذلك غسل ثقبي الأذنين من الخارج والداخل سنة مؤكدة، لما فيه من تحقيق النظافة والاعتناء بهذا العضو الحساس الذي قد يكون عرضة لتراكم الأوساخ.
- كيف يتم الغسل عند وجود مانع مثل الجرح؟ عند وجود مانع يمنع إيصال الماء إلى مواضع معينة من الجسد كجرح أو جبيرة، يتم الغسل بالمسح على الجبيرة أو الموضع المغطى بدلاً من غسله مباشرة، بشرط أن يكون ذلك الموضع مغطى بما يتناسب مع حالة الإصابة، وإذا كان المسح أيضًا يُسبب ضررًا، فإن الشخص يُعذر بترك غسل هذا الموضع، كما أن التيمم يُعتبر بديلًا عندما يتعذر تعميم الماء على الجسد بسبب موانع شديدة مثل الحروق الكبيرة أو الأمراض الجلدية.
- ما حكم من نسي تخليل الشعر أثناء الغسل؟ تخليل الشعر واجب في الغسل عند جمهور الفقهاء لأنه يضمن وصول الماء إلى فروة الرأس، وإذا نسي الشخص تخليل شعره أثناء الغسل وتذكر ذلك بعد الانتهاء، فإن حكمه يعتمد على الزمن، فإذا كان قريب العهد بالغسل، يُعيد غسل الموضع الذي تركه دون حاجة لإعادة الغسل كاملًا، أما إذا طال الزمن وكان قد صلى أو قام بعبادات تحتاج إلى الطهارة، فعليه إعادة الغسل والعبادات المرتبطة بالطهارة.
- متى يُجزئ التيمم عن الغسل؟ يُجزئ التيمم عن الغسل في الحالات التي يتعذر فيها استخدام الماء بسبب انعدامه أو الضرر الذي قد ينتج عن استعماله كالإصابة بأمراض جلدية شديدة أو وجود برد قارس يعجز الإنسان عن تدفئة الماء فيه، فالتيمم يُعتبر رخصة مشروعة لتيسير العبادة في حالات الضرورة، ويتم ذلك باستخدام تراب طاهر حيث ينوي الشخص رفع الحدث الأكبر، ثم يمسح وجهه ويديه إلى الكوعين.
مسائل فقهية حول الغسل مع تقديم الحلول المناسبة
- شخص عليه غسل واجب ولكنه لا يتوفر على ماء يكفي لغسل الجسم بالكامل، أو الماء الموجود يتضرر باستخدامه: الحل: إذا تعذر على الشخص العثور على ماء كافٍ للغسل أو كان الماء موجودًا ولكن استخدامه يسبب له ضررًا، فإنه ينتقل إلى التيمم بتراب طاهر، فالتيمم يُغني عن الغسل في مثل هذه الحالات للضرورة، وعليه أداء التيمم بالنية، ومسح الوجه والكفين.
- امرأة تعاني من الجفاف الشديد في فروة رأسها وتجد صعوبة في تخليل الشعر عند الغسل بسبب الألم: الحل: يجب عليها تخليل الشعر أثناء الغسل، ولكن إذا كان التخليل يسبب ضررًا محققًا، فإن عليها تعميم الماء على ظاهر الشعر، ويكفي ذلك مع مراعاة إيصال الماء إلى بقية أجزاء الرأس.
- شخص قام بالغسل وأثناء الصلاة تذكر أنه لم يغسل جزءًا صغيرًا من بدنه: الحل: إذا تذكر المسلم بعد الغسل أنه ترك غسل جزء من البدن، فإن عليه إعادة غسل هذا الجزء فقط إذا كان قريب العهد بالغسل، أما إذا كان ذلك بعد الصلاة، فيجب عليه إعادة الغسل والصلاة لأن الغسل شرط لصحة الصلاة.
- شخص مريض لا يستطيع الوصول إلى أماكن معينة في جسده لغسلها أثناء الغسل: الحل: إذا كان الشخص عاجزًا عن غسل بعض أعضاء جسمه بنفسه، يجوز له الاستعانة بشخص آخر ليُعينه على ذلك، وإن لم يجد من يساعده يُمكنه استخدام أدوات مساعدة مثل المنديل أو قطعة قماش للوصول إلى تلك الأماكن.
- امرأة تغتسلت من الحيض لكنها نسيت غسل موضع الأذى قبل بدء الغسل: الحل: يُندب غسل موضع الأذى قبل بدء الغسل، لكن تركه لا يُبطل الغسل لأنه ليس فرضًا، بل من السنن. لذا لا يلزمها إعادة الغسل، وغسلها يُعتبر صحيحًا إذا التزمت بباقي الأركان.
- شخص لديه جبيرة على عضو من أعضائه، كيف يُتم الغسل؟ الحل: إذا كان هناك جبيرة على عضو مصاب، فإنه يُجزئه المسح عليها أثناء الغسل ولا يلزمه إزالة الجبيرة إذا كان ذلك يُسبب ضررًا أو ألمًا، ويُعتبر الغسل صحيحًا مع المسح بشرط عدم القدرة على غسل الموضع المصاب.
- هل يصح الغسل إذا لم يلتزم الشخص بالترتيب بين أعضاء الجسم؟ الحل: الترتيب بين الأعضاء ليس شرطًا لصحة الغسل عند جمهور الفقهاء، لأن المطلوب هو تعميم الماء على جميع البدن، فإن عمّم الماء على جسمه مع الدلك والنية، صح الغسل.
- شخص يغتسل ولم يُسمِّ الله قبل الغسل، هل يُبطل ذلك الغسل؟ الحل: التسمية عند بدء الغسل من السنن وليست من الفروض، لذا فإن الغسل يكون صحيحًا حتى لو لم يُسمِّ الشخص الله عند بدايته.
- امرأة أرادت الغسل من الجنابة، لكنها قامت بغسل أعضاء الوضوء أولًا ثم أكملت الغسل دون ترتيب معين: الحل: تقديم أعضاء الوضوء في الغسل سنة وليس واجبًا. لذا، إذا أكملت المرأة الغسل وعمّمت الماء على جسدها بنية الطهارة، فإن غسلها صحيح.
- شخص يشعر بالشك بعد الغسل هل عمّم الماء على جميع بدنه أم لا؟ الحل: الأصل هو أن الغسل صحيح إذا غلب على الظن أنه عمّم الماء على جميع بدنه، والشك بعد الفراغ من العبادة لا يُلتفت إليه ما لم يتيقن الشخص بترك جزء معين من الجسد.
- شخص يريد الجمع بين غسل الجمعة وغسل الجنابة، فكيف ينوي؟ الحل: يجوز الجمع بين الغسلين بنية واحدة، حيث ينوي رفع الحدث الأكبر وسنة غسل الجمعة. ويُعتبر الغسل مجزئًا عن كلاهما بشرط تعميم الماء على البدن.
- شخص على جنابة وأراد الاغتسال في مكان عام، ولكنه يخشى كشف العورة: الحل: يُلزم الشخص بالاغتسال في مكان ساتر يحفظ عورته من الكشف، وإذا لم يجد مكانًا ساترًا، فعليه الانتقال إلى مكان مناسب يحقق الشروط الشرعية.
هذه المسائل تظهر شمولية الإسلام ومرونته في التعامل مع الحالات المختلفة، مما يعكس اهتمام الشريعة برفع الحرج عن المسلمين وتحقيق الطهارة بأسهل السبل الممكنة.