درس تعليمي 2 : "الطهارة وحكمها في الإسلام"
 |
درس تعليمي 2 : "الطهارة وحكمها في الإسلام" |
الطهارة هي من القيم الأساسية في حياة المسلم، فهي شرطٌ أساسي لأداء العبادات، وخاصة الصلاة، وهي عبادة يومية تمثل صلةً مباشرة بين العبد وربه. تعد الطهارة رمزًا للنقاء الجسدي والروحي، وتعكس حرص الإسلام على نقاء المسلم ظاهرًا وباطنًا.
تعريف الطهارة
- التعريف اللغوي: الطهارة في اللغة تعني النظافة والنقاء والخلو من القذارة والشوائب.
- التعريف الاصطلاحي: الطهارة في الشرع تعني رفع الحدث وإزالة النجس، سواء أكان الحدث أكبر يتطلب الغسل، أو أصغر يتطلب الوضوء. والطهارة تشمل غسل أو مسح الأعضاء الخاصة وفق شروط وأحكام معينة.
أقسام الطهارة
تقسم الطهارة إلى نوعين رئيسيين:
- الطهارة الحسية: تتعلق بالطهارة الظاهرة مثل إزالة النجاسات عن الجسم أو الملابس أو المكان. وهي تنقسم إلى قسمين:
* طهارة الخبث: إزالة النجاسات العينية من البدن أو الثياب أو الأماكن، مثل إزالة البول أو الغائط.
* طهارة الحدث: وهي رفع ما يمنع العبادات كالوضوء للحدث الأصغر، والغسل للحدث الأكبر.
- الطهارة المعنوية: يقصد بها الطهارة القلبية، وهي تطهير النفس من الشرك والمعاصي، وتزكية الروح بالنية الخالصة لله، واتباع السلوكيات الأخلاقية مثل الصدق، الأمانة، والتقوى. ويعتبر هذا النوع من الطهارة أساسيًا لتحقيق التقرب الحقيقي إلى الله.
حكم الطهارة في الإسلام
الطهارة واجبة وشرطٌ لصحة الصلاة وكل عبادة تتطلب طهارة. ولا تصح الصلاة من دون الطهارة، وهو ما يجعله الإسلام من الشروط الأساسية. قال الله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ" [البقرة: 222]، ويظهر في هذا السياق أهمية الطهارة كأمر محبب ومطلوب.
- الحالات التي تجب فيها الطهارة: تتوجب الطهارة في الحالات التالية:
- قبل الصلاة: سواء كانت فريضة أو نافلة، فالصلاة لا تصح إلا على طهارة تامة.
- لمس المصحف الشريف: لا يجوز لمس المصحف إلا على طهارة، لقوله تعالى: "لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ" [الواقعة: 79].
- الطواف بالكعبة: حيث أن الطواف يُعتبر كالصلاة في كثير من الأحكام، فيُشترط فيه الطهارة.
- عند قراءة القرآن (في بعض المذاهب): يرى بعض الفقهاء أن الطهارة مستحبة عند قراءة القرآن، خاصة إذا كانت القراءة عن ظهر قلب، لكن يُفضل أن يكون المسلم طاهرًا عند تلاوة القرآن.
- بعد الحدث الأكبر:مثل الجنابة، الحيض، والنفاس، حيث يتوجب الاغتسال لرفع الحدث الأكبر.
الدلائل الشرعية على الطهارة
- القرآن الكريم:
* قال الله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ" [البقرة: 222].
* وقال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ" [المائدة: 6].
- السنة النبوية:
* قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يقبل الله صلاة بغير طهور" [صحيح مسلم].
* وقال أيضًا: "الطهور شطر الإيمان" [صحيح مسلم]، مما يدل على مكانة الطهارة في الإسلام.
القيم المستنبطة من الطهارة
- النقاء والنظافة: الطهارة تعكس حب الإسلام للنظافة والنقاء، وحثه على أن يكون المسلم نقيًا من الشوائب الحسية والمعنوية.
- التقرب إلى الله: الطهارة وسيلة للتقرب إلى الله، حيث يبدأ المسلم عبادته بطهارة تامة تعبيرًا عن رغبته في التقرب لله تعالى.
- التطهير الداخلي والخارجي: الإسلام لا يكتفي بالطهارة الحسية بل يدعو إلى طهارة النفس، ويحث المسلم على تطهير قلبه وسلوكه.
- الصحة والنظافة الشخصية: تطبيق أحكام الطهارة يدعم مفهوم الوقاية الصحية؛ فالوضوء والغسل يساعدان في الحفاظ على نظافة الجسم ومنع الأمراض.
- التزكية والتربية الروحية: الطهارة تُعد وسيلة للتزكية الروحية، فهي تطهير معنوي قبل أن تكون حسّيًا، مما يجعل المسلم دائمًا في حالة استعداد للتقرب من الله بتوبة صادقة وطهارة نقية.
كيفية تحقيق الطهارة وأدواتها
- الوضوء: هو الأسلوب الأساسي للطهارة اليومية، ويتم عن طريق غسل الأعضاء الأربعة، وهي: الوجه، اليدين إلى المرفقين، مسح الرأس، وغسل القدمين إلى الكعبين. وقد جاء وصف دقيق للوضوء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم.
- الغسل: يستخدم لرفع الحدث الأكبر، ويكون بغسل جميع أعضاء الجسم. ومن السنة أن يبدأ المسلم بغسل يديه، ثم الأعضاء الأخرى مع النية، انتهاءً بغسل الجسم بأكمله.
- التيمم: يُلجأ إليه في حال عدم توفر الماء، ويتم بمسح الوجه والكفين بالتراب الطاهر. وقد شُرع في القرآن: "فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا" [النساء: 43].
- إزالة النجاسة: تتطلب غسل ما علق بالبدن أو الثياب أو المكان من النجاسات كالدم أو البول.
تطبيقات عملية للطهارة في حياة المسلم
- التزام الوضوء عند كل صلاة: يُعد الوضوء وسيلة للمحافظة على الطهارة في اليوم، ويساعد على تذكر النية الصادقة.
- الاغتسال في المناسبات: يستحب الاغتسال في يوم الجمعة، وكذلك في المناسبات الأخرى كالعيدين، مما يعزز الوعي بأهمية النظافة والطهارة في المناسبات.
- الطهارة في الأعمال اليومية: يشمل ذلك استخدام السواك، الاهتمام بالثياب، والاستعداد لمقابلة الله في أي لحظة.
- الطهارة في الأماكن العامة: حيث يُحظر التبول أو إلقاء النجاسات في أماكن الصلاة والأماكن العامة، ويحث الإسلام على احترام نظافة المحيط.
أسئلة التقويم (أجب عن الأسئلة التالية قبل الإطلاع على إجابات أسئلة التقويم)
1- ما هو تعريف الطهارة في الإسلام من الناحية اللغوية والاصطلاحية؟
2- ما الفرق بين طهارة الحدث وطهارة الخبث؟ قدم مثالًا على كل منهما.
3- عدد الحالات التي تجب فيها الطهارة في الإسلام، واذكر الدليل الشرعي من القرآن أو السنة على ذلك.
4- اشرح معنى الحديث: "الطهور شطر الإيمان" من حيث أهميته في الإسلام.
5- كيف تساهم الطهارة في تعزيز الصحة والنظافة الشخصية في حياة المسلم؟
6- قدم مثالاً على كيفية تطبيق الطهارة في حياة المسلم اليومية.
7- ما المقصود بالطهارة المعنوية؟ وكيف يمكن تحقيقها؟
8- ما هي القيم المستنبطة من الطهارة في الإسلام، وكيف تعزز الطهارة الصلة بالله تعالى؟
خاتمة
الطهارة في الإسلام ليست مجرد إجراء حسي بل هي وسيلة للتقرب إلى الله وتنقية الروح، فهي تزرع في نفس المسلم قيم النظافة والنقاء، وتجعله دائم الاستعداد للقاء ربه.
- إجابات أسئلة التقويم :
1. ما هو تعريف الطهارة في الإسلام من الناحية اللغوية والاصطلاحية؟
* الناحية اللغوية: الطهارة في اللغة تعني النقاء والخلو من الدنس أو القذارة، وهي عكس النجاسة. تُستخدم كلمة الطهارة للإشارة إلى النظافة والصفاء.
* الناحية الاصطلاحية: الطهارة في الشرع الإسلامي تعني إزالة النجاسة أو رفع الحدث عن جسم الإنسان، وتكون إما بالوضوء أو الغسل أو التيمم عند عدم وجود الماء. الهدف من الطهارة في الإسلام هو التأهيل للعبادات التي تتطلب الطهارة، مثل الصلاة والطواف.
2. ما الفرق بين طهارة الحدث وطهارة الخبث؟ قدم مثالًا على كل منهما.
- طهارة الحدث: تتعلق برفع الحدث الأصغر أو الأكبر عن جسم الإنسان. الحدث الأصغر يتطلب الوضوء كوسيلة للطهارة، بينما الحدث الأكبر يتطلب الغسل.
*مثال: إذا أراد المسلم الصلاة ولكنه أحدث بحدث أصغر (كالخروج للخلاء)، فإنه يقوم بالوضوء. أما إذا كان على جنابة، فيلزم عليه الغسل.
- طهارة الخبث: تعني إزالة النجاسة العينية عن الجسم، أو الثوب، أو المكان. النجاسات تشمل البول، والغائط، والدم المسفوح، وغيرها.
*مثال: إذا أصابت النجاسة الثوب أو الأرض، كالبول، وجب إزالة تلك النجاسة باستخدام الماء حتى يزول أثرها، فلا يبقى لون أو رائحة.
3. عدد الحالات التي تجب فيها الطهارة في الإسلام، واذكر الدليل الشرعي من القرآن أو السنة على ذلك.
- الحالات التي تجب فيها الطهارة:
1- قبل الصلاة: سواء كانت فريضة أو نافلة، فالصلاة لا تصح إلا على طهارة. *الدليل: قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ" [المائدة: 6].
2- لمس المصحف الشريف: لا يجوز لمس المصحف إلا على طهارة. *الدليل: استُدل بآية: "لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ" [الواقعة: 79].
3- الطواف بالكعبة: لأن الطواف يُعتبر كالصلاة في بعض الأحكام. *الدليل: قوله صلى الله عليه وسلم: "الطواف بالبيت صلاة".
4- بعد الحدث الأكبر: كالجُنُب أو الحائض. *الدليل: حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تُقبل صلاة بغير طهور" [صحيح مسلم].
4. اشرح معنى الحديث: "الطهور شطر الإيمان" من حيث أهميته في الإسلام.
- الحديث: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الطهور شطر الإيمان" [صحيح مسلم]. هذا الحديث يشير إلى أن الطهارة تشكل نصف الإيمان، حيث أن الطهارة تشمل طهارة الجسد (الحسية) وطهارة القلب (المعنوية).
- أهمية الطهارة في الإسلام: * الطهارة هي استعدادٌ لمقابلة الله في الصلاة، وهي تهيئة لنفس المؤمن ليكون في حالة نقاء وصفاء ظاهريًا وباطنيًا. * الطهارة تعد من خصائص الإسلام التي تدل على اهتمامه بالنظافة والنقاء. * على المستوى الروحي، الطهارة تقرب المؤمن من الله وتجعل عباداته أكثر قبولًا.
5. كيف تساهم الطهارة في تعزيز الصحة والنظافة الشخصية في حياة المسلم؟
- تعزيز الصحة: الطهارة اليومية، مثل الوضوء، تعزز النظافة الشخصية وتقي من الجراثيم والأمراض. غسل اليدين، والوجه، والأعضاء الأخرى بشكل يومي يساعد في التخلص من البكتيريا والأوساخ.
- النظافة الشخصية: الحرص على الطهارة من أساسيات النظافة العامة، ويشمل ذلك أيضًا الاغتسال، واستخدام السواك، والاعتناء بالمظهر العام. يحث الإسلام على الغسل يوم الجمعة، والاغتسال بعد الحدث الأكبر، مما يعزز من النظافة الشخصية.
- الوقاية من الأمراض: الوضوء خمس مرات يوميًا، والغسل عند الحاجة، وإزالة النجاسة، كلها تساهم في الوقاية من الأمراض وتساعد المسلم في الحفاظ على نظافته وصحته العامة.
6. قدم مثالاً على كيفية تطبيق الطهارة في حياة المسلم اليومية.
- الوضوء للصلاة: يُعتبر الوضوء مثالاً يوميًا على الطهارة في حياة المسلم، حيث يتوضأ قبل كل صلاة. هذا يساعده على تجديد طهارته ونظافته خمس مرات يوميًا.
- الاغتسال بعد الحدث الأكبر: بعد الحدث الأكبر، مثل الجنابة، يلتزم المسلم بالغسل، مما يعزز طهارته ونظافته الجسدية. كما يستحب الغسل في مناسبات أخرى، مثل الجمعة والعيدين، لتأكيد أهمية الطهارة.
- الحرص على نظافة المكان: الحفاظ على نظافة المكان الذي يصلي فيه المسلم، سواءً كان في المسجد أو المنزل، يُعتبر من جوانب الطهارة، حيث يُنظف المسلم مكان صلاته ويحرص على خلوه من أي نجاسة.
7. ما المقصود بالطهارة المعنوية؟ وكيف يمكن تحقيقها؟
- المقصود بالطهارة المعنوية: الطهارة المعنوية هي نقاء القلب والروح من الذنوب والمعاصي، وتزكية النفس من الرذائل مثل الكذب، الحقد، والنفاق، وتحقيق الإخلاص لله في كل الأعمال.
- كيفية تحقيقها:- التوبة والاستغفار: المسلم يطهر قلبه من الذنوب بالرجوع إلى الله، فيتوب عن أخطائه ويستغفر عن ذنوبه .تزكية النفس: من خلال اكتساب الفضائل، مثل الصدق والأمانة، والسعي إلى تقوية الإيمان والتقوى. التقرب إلى الله بالطاعات: بأداء العبادات بحب وخشوع، مثل الصلاة، وقراءة القرآن، وصلة الرحم.
8. ما هي القيم المستنبطة من الطهارة في الإسلام، وكيف تعزز الطهارة الصلة بالله تعالى؟
القيم المستنبطة من الطهارة هي :
- النظافة الشخصية: الإسلام يجعل النظافة جزءًا من العبادة، حيث يعتبرها جزءًا من إيمان المسلم.
- التقوى: الطهارة تعكس التقوى والخوف من الله، فالمسلم يتطهر ليكون على أكمل حال أمام ربه.
- الالتزام والانضباط: التزام المسلم بالطهارة اليومية يعلمه الانضباط والنظام في حياته.
- النقاء الداخلي: الطهارة الحسية ترتبط بالطهارة الروحية، حيث يسعى المسلم لتنقية باطنه وابتعاد قلبه عن المعاصي.
- التواضع والاحترام: احترام المسجد وبيت الله يستوجب الطهارة، ويعلم المسلم التواضع أمام الله.
- تعزيز الصلة بالله:
* الطهارة تجعل المسلم دائم التذكر لعلاقته بالله، حيث يرتبط الوضوء والغسل بنية التقرب إلى الله واستعدادًا للقاءه في الصلاة.
* الطهارة كعبادة تجعل المسلم في حالة استعداد دائم للطاعة والخشوع، مما يجعله أكثر قربًا لله ويزيد من خشوعه في الصلاة والعبادات.