أخر الاخبار

درس تعليمي 1 : مياه الطهارة وأحكامها في الفقه الإسلامي

 درس تعليمي 1 : مياه الطهارة وأحكامها في الفقه الإسلامي

درس تعليمي 1 : مياه الطهارة وأحكامها في الفقه الإسلامي

الطهارة من أهم المواضيع التي يعنى بها الفقه الإسلامي، فهي مفتاح العبادات ولا تصح عبادة من العبادات التي تتطلب الطهارة من الحدثين الأصغر والأكبر إلا بها. ومن أجل ذلك، اهتم العلماء بتفصيل مسائلها وضبط أحكامها. وقد قسّم الفقهاء المياه التي يعتمد عليها في الطهارة إلى أنواع متعددة، بناءً على طهارتها أو نجاستها، أو تغيرها بطاهر أو بنجس. ومن هؤلاء العلماء عبد الواحد بن عاشر الذي ألّف في منظومته الشهيرة حول فقه الطهارة.

في هذا الدرس، سنقوم بشرح أبيات من منظومة ابن عاشر المتعلقة بأحكام المياه والطهارة، حيث يقول:

  • فصل وتحصل الطهارة بما ... من التغير بشيء سلما
  • إذا تغــير بنـجس طــرحـا ... أو طاهر لعادة قد صلحا
  • إلا إذا لازمـه في الغـــالب ... كمغرة فمطلق كالــذائب

- أنواع المياه وأحكامها في الفقه الإسلامي :

1. الماء الطهور: الماء الطهور هو الماء الذي لم يتغير شيء من أوصافه الأساسية (اللون، الطعم، الرائحة) بنجاسة أو بطاهر يُخرجه عن كونه مطهراً. هذا الماء هو الذي يمكن استعماله في الطهارة من الحدثين الأصغر والأكبر، سواءً كان ماء نازلاً من السماء (كالمطر) أو جارياً في الأرض (كالأنهار والآبار).

   * الأدلة الشرعية على طهورية الماء: قول الله تعالى: "وأنزلنا من السماء ماءً طهورًا" (الفرقان: 48). حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الماء طهور لا ينجسه شيء" (رواه أبو داود والترمذي).

2. الماء الطاهر: الماء الطاهر هو الماء الذي تغير بطاهر لا يخرج الماء عن كونه صالحًا للاستعمال العادي، لكنه لم يعد صالحًا للتطهر. مثل الماء الذي تغير بسبب الصابون أو العطور. فالماء الطاهر يمكن أن يُستخدم للشرب أو النظافة، لكنه لا يُستخدم للطهارة الشرعية.

3. الماء النجس: الماء النجس هو الماء الذي تغيرت أوصافه بنجاسة. سواء كان ذلك باللون، الطعم أو الرائحة. إذا سقط فيه شيء نجس وتغيرت أحد هذه الأوصاف، لا يجوز استخدامه في الطهارة أو الشرب، بل يجب التخلص منه.

   * أدلة عدم جواز استعمال الماء النجس: قال الله تعالى: "ويحرّم عليهم الخبائث" (الأعراف: 157). عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه" (رواه مسلم).

- شرح أبيات عبد الواحد بن عاشر:

البيت الأول: "فصل وتحصل الطهارة بما ... من التغير بشيء سلما"

يبدأ ابن عاشر هذا الفصل بتوضيح أن الطهارة تتحصل بالماء الذي لم يتغير بشيء يجعله غير صالح للاستعمال. وهذا يشير إلى أن الأصل في الماء أنه طهور وصالح للطهارة ما لم يطرأ عليه تغيير في أوصافه الأساسية. "سلما": أي أنه سلم من التغير بأمور تخرجه عن كونه مطهراً.

البيت الثاني: "إذا تغير بنجس طرحا ... أو طاهر لعادة قد صلحا"

إذا تغير الماء بنجس، فيصبح غير صالح للطهارة ويجب طرحه. وكذلك إذا تغير بطاهر مما لا يمكن استعماله عادةً في الطهارة مثل الصابون أو العطور، فإنه يفقد صلاحية التطهير. 

- "إذا تغير بنجس طرحا": أي أن الماء إذا تغير بنجس وجب التخلص منه ولا يجوز استعماله. 
- "أو طاهر لعادة قد صلحا": أي إذا تغير الماء بشيء طاهر يستخدم عادة في غير الطهارة، فإنه يصبح ماءً طاهراً لا يطهر.
البيت الثالث: "إلا إذا لازمه في الغالب ... كمغرة فمطلق كالذائب"

هنا يستثني ابن عاشر الماء الذي تغير بشيء طاهر عادة ما يخالط الماء في الأصل، مثل الطين أو ما يُذاب في الماء بشكل طبيعي (كالملح في مياه البحر). في هذه الحالة، يبقى الماء مطلقًا ويُعتبر طهورًا صالحًا للتطهير.

- "إلا إذا لازمه في الغالب": أي أن الماء إذا تغير بشيء ملازم له عادةً، فإنه لا يفقد طهوريته.
- "كمغرة": إشارة إلى الطين الذي يغير لون الماء دون أن يجعله غير صالح للطهارة.
- "فمطلق كالذائب": أي يبقى الماء على طبيعته الطهورية حتى وإن تغير بشيء ذائب فيه لا يؤثر في طهوريته.

- أمثلة فقهية على أحكام المياه :

1. مثال على الماء الطهور: رجل يريد أن يتوضأ، ووجد ماء نقيًا من بئر، لم يتغير طعمه أو لونه أو رائحته، فهذا الماء طهور وصالح للطهارة. يمكنه استعماله للوضوء أو الغسل دون شك.

2. مثال على الماء الطاهر غير المطهر: امرأة تغسل ثيابها بالصابون، وتبقى لديها بعض الماء الذي تغير بسبب الصابون، هذا الماء يُعتبر طاهرًا لكنه لا يُستخدم للطهارة الشرعية. يمكن استخدامه في أعمال التنظيف، ولكن لا يُستعمل في الوضوء أو الغسل.

3. مثال على الماء النجس: طفل سقط في دلو ماء ولغ فيه كلب، فتغيرت رائحة الماء بسبب لعابه. هذا الماء أصبح نجسًا ولا يجوز استعماله، بل يجب التخلص منه.

- الأسئلة الفقهية المتعلقة بالمياه :

1. هل يجوز الوضوء أو الاغتسال بماء البحر؟ نعم، يجوز الوضوء والاغتسال بماء البحر لأنه ماء طهور رغم ملوحته، وذلك بناءً على حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "هو الطهور ماؤه الحل ميتته" (رواه أبو داود والترمذي).

2. هل يمكن استعمال ماء تغير بطين أو طحالب؟ نعم، يجوز استعمال الماء الذي تغير بسبب الطين أو الطحالب التي تتواجد غالبًا في المياه الطبيعية، ما لم يتغير أحد أوصافه إلى درجة تجعله غير صالح للشرب أو استعماله الطبيعي.

3. ما حكم الوضوء بماء تغير لونه بسبب ملامسته لخشب أو معادن؟ إذا لم يتغير الماء بشيء نجس وكان التغير طفيفًا بسبب تلامسه مع أشياء طاهرة مثل الخشب أو المعادن، فهو يبقى صالحًا للطهارة.

أسئلة التقويم : ( أجب عن الأسئلة التالية قبل الإطلاع على إجابات أسئلة التقويم )

       1 - ما الفرق بين الماء الطهور والماء الطاهر؟ وضح بالأمثلة.
       2 - ما الحكم إذا تغير الماء بنجاسة؟ وما الأدلة على ذلك؟
       3 - كيف يُعتبر الماء الذي تغير بطاهر ملازم له مثل الطين؟ هل يبقى صالحًا للطهارة؟
       4 - اذكر مثالين على ماء نجس لا يجوز استعماله للطهارة.
       5 - ما موقف الفقه الإسلامي من استعمال ماء البحر أو ماء الآبار المالحة في الطهارة؟
       6 - هل يجوز الوضوء أو الاغتسال بماء تغير بسبب الصابون؟ وضح الحكم.
       7- كيف يؤثر وجود الطحالب أو التربة في الماء على صلاحيته للطهارة؟
       8- ما الأدلة الشرعية التي تثبت طهورية الماء؟ اذكر حديثًا أو آية قرآنية.

الخاتمة :

في الختام، يظهر من خلال هذا الدرس أن فقهاء الإسلام قد اهتموا بشكل كبير بتحديد أحكام المياه باعتبارها مفتاح الطهارة وأساس العديد من العبادات. ومن خلال فهم أحكام المياه بأنواعها (الطهور، الطاهر، النجس) يمكن للمسلم أن يحرص على صحة عباداته ويؤديها وفق الشريعة الإسلامية.

إجابات أسئلة التقويم :

1. ما الفرق بين الماء الطهور والماء الطاهر؟ وضح بالأمثلة.

- الماء الطهور: هو الماء الذي بقي على أصله ولم يتغير بشيء من الأوصاف الثلاثة (اللون، الطعم، الرائحة) بنجاسة أو طاهر يغير طبيعته. هذا النوع من الماء هو الصالح للطهارة من الحدثين الأصغر والأكبر، مثل ماء المطر، الأنهار، الآبار، والبحر.
 - مثال: ماء نهر لم يتغير بطاهر أو نجاسة، يمكن استعماله في الوضوء والاغتسال.

- الماء الطاهر: هو الماء الذي لم يتنجس ولكنه تغير بطاهر يخرجه عن طهوريته، أي أنه لم يعد صالحاً للطهارة الشرعية، ولكنه صالح للاستعمالات الأخرى مثل الشرب والتنظيف.
- مثال: ماء مخلوط بالصابون أو ماء الورد، لا يجوز استعماله في الوضوء أو الاغتسال، لكنه صالح للشرب أو التنظيف.

2. ما الحكم إذا تغير الماء بنجاسة؟ وما الأدلة على ذلك؟

- إذا تغير الماء بنجاسة، سواء في لونه أو طعمه أو رائحته، فإنه يصبح نجسًا ولا يجوز استعماله للطهارة أو الشرب. يجب التخلص منه لأنه فقد طهوريته.
  -  الأدلة:  قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الماء طهور لا ينجسه شيء إلا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه" (رواه ابن ماجه).
- المثال: إذا سقطت في الماء نجاسة مثل بول أو دم وتغير لونه أو رائحته أو طعمه، فإنه يعتبر نجسًا ويجب طرحه.

3. كيف يُعتبر الماء الذي تغير بطاهر ملازم له مثل الطين؟ هل يبقى صالحًا للطهارة؟

- الماء الذي تغير بطاهر ملازم له في العادة مثل الطين أو الطحالب أو المعادن الطبيعية التي قد تذوب فيه يبقى صالحًا للطهارة طالما أن هذا التغير لا يجعله غير صالح للاستعمال الطبيعي مثل الشرب. هذه الأشياء لا تخرج الماء عن طبيعته الطهورية لأنها من مكونات البيئة المحيطة التي قد يختلط بها الماء بشكل طبيعي.
- المثال: ماء بئر تغير لونه قليلًا بسبب اختلاطه بالطين، أو ماء نهر يحتوي على طحالب ولكن بقيت أوصافه الأساسية (الطعم، الرائحة) كما هي، فيظل صالحًا للوضوء والغسل.

4. اذكر مثالين على ماء نجس لا يجوز استعماله للطهارة.

- المثال الأول: ماء تغير بسبب بول أو روث وقع فيه. مثل دلو ماء وقعت فيه قطرة بول فأدت إلى تغير رائحته.
- المثال الثاني: ماء تغير بسبب سقوط ميتة في الماء، مثل حيوان ميت كالفأر أو الطيور إذا وقع في بركة أو دلو ماء، وتغيرت أوصاف الماء (اللون أو الرائحة أو الطعم).

5. ما موقف الفقه الإسلامي من استعمال ماء البحر أو ماء الآبار المالحة في الطهارة؟

- ماء البحر: يعتبر طهورًا ويجوز استعماله في الطهارة رغم ملوحته. النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديثه: "هو الطهور ماؤه الحل ميتته" (رواه أبو داود والترمذي). هذا يعني أن ماء البحر صالح للطهارة والاغتسال، ولا تؤثر ملوحته على صلاحيته للتطهير.
- ماء الآبار المالحة: كذلك يعتبر طهورًا ويجوز استعماله في الوضوء والغسل إذا لم يتغير بنجاسة. ملوحة الماء ليست نجاسة، طالما أن أوصاف الماء الأساسية لم تتغير بسبب النجاسة، فيظل صالحًا للطهارة.

6. هل يجوز الوضوء أو الاغتسال بماء تغير بسبب الصابون؟ وضح الحكم.

- لا يجوز الوضوء أو الاغتسال بماء تغير بسبب الصابون، لأن الصابون من الطاهرات التي تغيّر وصف الماء وتخرجه عن كونه طهورًا. عندما يتغير الماء بطاهر مثل الصابون، فإنه يفقد طهوريته ولا يصبح صالحًا للطهارة الشرعية.
- المثال: إذا وضعت كمية كبيرة من الصابون في ماء وتغيرت رائحته أو لونه أو طعمه، فلا يجوز استعماله في الوضوء أو الغسل، ولكنه يبقى صالحًا للاستعمال في التنظيف.

7. كيف يؤثر وجود الطحالب أو التربة في الماء على صلاحيته للطهارة؟

- وجود الطحالب أو التربة في الماء لا يؤثر على صلاحيته للطهارة طالما أن التغير في اللون أو الرائحة أو الطعم ناتج عن طبيعة البيئة التي يوجد فيها الماء ولم يتغير بسبب نجاسة. الطحالب والتربة من العناصر التي تتواجد عادة في مصادر المياه الطبيعية كالأنهار أو البحيرات، وبالتالي لا تخرج الماء عن كونه طهورًا.
- المثال: ماء نهر يحتوي على طحالب أو تغير لونه بسبب التربة التي توجد في مجرى النهر يبقى صالحًا للطهارة ما لم يتغير بنجاسة.

8. ما الأدلة الشرعية التي تثبت طهورية الماء؟ اذكر حديثًا أو آية قرآنية.

- من القرآن الكريم: قال الله تعالى: "وأنزلنا من السماء ماء طهورا" (الفرقان: 48). هذه الآية تبين أن الماء النازل من السماء هو طهور، وهو صالح للطهارة.
- من الس نة النبوية:حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الماء طهور لا ينجسه شيء" (رواه أبو داود). في هذا الحديث تأكيد على أن الماء يبقى طهورًا ما لم تتغير أوصافه بنجاسة، مما يثبت صلاحيته للطهارة.
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-