أخر الاخبار

درس تعليمي 13: أحكام الأذان وقصر الصلاة في الفقه المالكي: شروطها وأهميتها وفق متن ابن عاشر

درس تعليمي 13: أحكام الأذان وقصر الصلاة في الفقه المالكي: شروطها وأهميتها وفق متن ابن عاشر

درس تعليمي 13: أحكام الأذان وقصر الصلاة في الفقه المالكي: شروطها وأهميتها وفق متن ابن عاشر

يقول عبد الواحد بن عاشر رحمه الله:

ســن الأذان لجمـــاعة أتت *** فــرضــا بوقته وغيــرا طلبت
وقصــر من ســافر أربـــع بــرد *** ظهرا عشا عصرا إلى حين يعود
ممــا ورا السكنــى إليـته إن قدم *** مــــقيـــم أربــعــــة أيــــام يــــتــم

تعريف الأذان وحكمه

الأذان في الإسلام شعيرة عظيمة من شعائر الدين الإسلامي، وهو الإعلام بدخول وقت الصلاة بألفاظ مخصوصة تشتمل على التكبير والشهادة والنداء إلى الفلاح، وقد وردت مشروعيته في السنة النبوية وفي عمل المسلمين منذ زمن النبي صلى الله عليه وسلم. أما من الناحية اللغوية فالأذان مأخوذ من الفعل أذن يؤذن إذنًا، وهو الإعلام بالشيء والإخبار به. وأما من الناحية الشرعية فالأذان هو الإعلام بدخول وقت الصلاة بألفاظ مخصوصة على هيئة معلومة يؤديها المؤذن بصوت مرتفع وبكيفية معينة وفق السنة النبوية. ويعد الأذان من الأمور التي اختصت بها الأمة الإسلامية ليكون شعارًا عامًا يجمع المسلمين على الصلاة، ويؤكد على وحدة الأمة ويبرز معاني الإخلاص والتوحيد والطاعة لله سبحانه وتعالى.

وفي الفقه المالكي يعد الأذان سنة مؤكدة في حق الجماعة إذا كانوا في الحضر، ويكون مندوبًا في حق الفرد والمسافر ولا يأثم بتركه لكنه يفوت عليه أجر عظيم وثواب كبير، ويكون الأذان لازمًا في الصلوات المفروضة من خمس صلوات في اليوم والليلة أما في غيرها من النوافل فلا يشرع الأذان وإن كان من المستحب التهليل والذكر.

أما الحكمة من مشروعية الأذان: فهي إعلان دخول وقت الصلاة ودعوة الناس إليها، وتذكير الغافلين والساهين بضرورة المبادرة إلى أداء الفريضة. كما أن الأذان يحمل في طياته معاني عظيمة في التوحيد والإيمان، فهو يبدأ بالتكبير تأكيدًا لعظمة الله وينتهي بالشهادة والإقرار برسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ويدعو إلى الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة. فالأذان ليس مجرد نداء للصلاة بل هو إعلان شامل لمبادئ الإسلام وركائزه الأساسية، ويجسد وحدة الأمة وتماسكها ويمثل علامة بارزة من علامات الإسلام الظاهرة في المجتمعات المسلمة، فهو شعيرة تميزت بها الأمة الإسلامية عن غيرها من الأمم ويترتب على إقامتها تذكير الناس بوجوب الصلاة في وقتها وجمعهم على طاعة الله وامتثال أمره وتحقيق روح الجماعة بين المسلمين.

شروط الأذان

شروط الأذان في الفقه الإسلامي تعد من الأمور الأساسية التي يجب مراعاتها لتحقيق صحة الأذان وإقامته على الوجه المشروع، وهي تنقسم إلى ثلاثة أنواع رئيسية: وهي الشروط المتعلقة بالمؤذن، والشروط المتعلقة بالوقت، والشروط المتعلقة بالصلاة والجماعة. أما الشروط المتعلقة بالمؤذن فتشمل أن يكون المؤذن مسلمًا عاقلًا مميزًا، فلا يصح الأذان من الكافر أو المجنون أو الطفل غير المميز، وذلك لأن الأذان شعيرة دينية تتطلب نية وقصدًا، وقصد غير المكلف لا يعتبر، كما يشترط أن يكون المؤذن ذكرًا لأن الأذان فيه إعلان عام ورفع للصوت ولا يليق بالمرأة أن ترفع صوتها بالأذان بين الرجال، ومن السنة أن يكون المؤذن أمينًا صاحب صوت جميل وحسن الأداء، لأن ذلك يعين على استماع الناس للأذان وتأثيره في نفوسهم.

أما الشروط المتعلقة بالوقت فهي أن يكون الأذان بعد دخول وقت الصلاة، ولا يصح الأذان قبل دخول الوقت، باستثناء صلاة الفجر فقد شرع الأذان لها مرتين الأول قبل طلوع الفجر لتنبيه النائمين ليستعدوا للصلاة، والثاني بعد طلوع الفجر لإعلام الناس بدخول وقتها. وهذا ما جاء في الحديث الشريف عن بلال رضي الله عنه حين كان يؤذن بليل ويأتي ابن أم مكتوم ليؤذن بعد دخول الفجر، أما بقية الصلوات فلا يصح الأذان لها إلا بعد دخول وقتها المحدد شرعًا.

وفيما يتعلق بالشروط المتعلقة بالصلاة والجماعة فيشترط أن يكون الأذان للصلوات المفروضة الخمس فقط، فلا يشرع الأذان للصلوات النافلة أو السنن الرواتب، ويكون الأذان لجماعة من المسلمين، لأن الأذان شرع للإعلام والإعلام إنما يكون في الغالب للجماعة، ومن السنة أن يكون الأذان في مكان مرتفع يسمعه الناس وتتحقق به الغاية من الإعلام، أما إذا كان الأذان في مكان مغلق أو لا يصل صوته إلى الناس فإنه لا يحقق الغاية الشرعية منه.

ومن هنا يتبين أن الشروط المتعلقة بالأذان ليست مجرد ضوابط شكلية بل هي أحكام تتعلق بتحقيق الغاية من الأذان، وهي الإعلام بدخول وقت الصلاة وجمع الناس على الطاعة وتوحيد الصفوف تحت راية الإسلام.

صفة الأذان وكيفيته

صفة الأذان في الفقه المالكي هي الكيفية التي يؤدى بها الأذان وفقًا لما ورد في السنة النبوية، وما استقر عليه العمل عند علماء المالكية، ويبدأ الأذان بلفظ التكبير حيث يقول المؤذن الله أكبر الله أكبر أربع مرات مؤكدًا على عظمة الله، واستفتاحًا بهذه الكلمات التي ترفع مكانة الأذان وتشد انتباه السامعين، ثم ينتقل المؤذن إلى الشهادتين فيقول أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله مرتين، ثم يقول أشهد أن محمدًا رسول الله أشهد أن محمدًا رسول الله مرتين، ليذكر الناس بالشهادتين وهما أساس الإيمان، ويُسن للمؤذن أن يقولها بتأنٍ وخشوع حتى تصل الرسالة إلى القلوب ويستقر معناها في النفوس.

بعد الشهادتين ينادي المؤذن بنداء الإقبال على الصلاة فيقول حي على الصلاة مرتين، بصوت مليء بالحماسة والدعوة إلى الطاعة، ثم يتبعها بنداء الإقبال على الفلاح فيقول حي على الفلاح مرتين، مشيرًا إلى أن الصلاة هي طريق الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة، ثم يعود المؤذن إلى التكبير مرة أخرى فيقول الله أكبر الله أكبر مرتين، لتأكيد عظمة الله والتذكير بأن الصلاة لله وحده، ثم يختم الأذان بكلمة التوحيد فيقول لا إله إلا الله مرة واحدة مختتمًا نداءه بذكر الله وتوحيده.

وفيما يتعلق بكيفية الأذان فإن على المؤذن أن يرفع صوته بالأذان قدر استطاعته ليصل النداء إلى أكبر عدد ممكن من الناس، ويستحب له أن يقف في مكان مرتفع أو يستخدم وسائل التكبير الصوتي في عصرنا ليبلغ صوته الآفاق، وينبغي أن يكون الأذان بتأنٍ وتروي فلا يسرع في التلفظ بالألفاظ بل يقف بين كل جملة وأخرى مدة يسيرة حتى يتسنى للسامعين استيعاب الأذان والرد عليه، كما أنه على المؤذن أن يوجه وجهه نحو القبلة أثناء الأذان لأنها أشرف الجهات وأقدسها.

أما الجهر والإسرار بالأذان فإنه يختلف باختلاف الأحوال ففي الأصل يكون الأذان بالجهر في الصلوات الخمس، وفي صلاة الفجر يكون الأذان الأول قبل الفجر للإيقاظ، وينبغي أن يكون بصوت منخفض. أما الأذان الثاني بعد دخول وقت الفجر فيكون بالجهر لإعلام الناس بدخول الوقت، ويستحب للمؤذن أن يلقي الأذان بصوت حسن رنان لأن ذلك أدعى لقبول الدعوة وأقرب إلى جذب القلوب.

وهكذا يتبين أن الأذان ليس مجرد كلمات تقال بل هو نداء روحاني يحمل في طياته دعوة إلى الصلاة وتذكيرًا بوحدانية الله وإشارة إلى أهمية الفلاح في الدنيا والآخرة، فهو شعيرة من شعائر الإسلام تستوجب التأني والخشوع والالتزام بصفته وكيفيته.

متى يُشرع الأذان؟

يُشرع الأذان عند دخول وقت الصلاة المفروضة، فهو النداء الذي شرعه الله تعالى لإعلام الناس بدخول وقت الفريضة، وهو بذلك شعار من شعائر الإسلام الظاهرة التي تميّز الأمة الإسلامية وتجمع القلوب على نداء واحد، وفي الفقه المالكي فإن الأذان مشروع للصلوات الخمس المفروضة وصلاة الجمعة، ويؤدى قبل إقامة الصلاة مباشرة، باستثناء صلاة الفجر فإنها يُشرع لها أذانان الأول يكون قبل دخول الوقت بقليل لتنبيه الناس للاستعداد للصلاة والتسحّر للصيام إن كان في شهر رمضان، والثاني عند دخول وقت الفجر وهو الأذان المعتمد لإقامة الصلاة.

أما فيما يتعلق بالصلوات غير المفروضة فإن الأذان لا يُشرع لها، فلا أذان لصلاة العيدين ولا لصلاة الجنازة ولا للصلوات النافلة مثل الضحى والسنن الرواتب، ومع ذلك فإنه يُستحب في بعض الأحيان ترديد كلمات الأذان عند إقامة بعض الصلوات الجماعية، أو طلب الاجتماع للصلاة. كما ورد عن بعض الصحابة أنهم كانوا يُنادون للصلاة بعبارات غير الأذان عند جمع الناس في أوقات غير أوقات الصلوات المفروضة.

وفيما يتعلق بالسفر والحضر فإن الأذان مشروع في كلا الحالتين ففي الحضر يُؤذّن للصلوات المفروضة في المساجد والجوامع والأماكن العامة لإعلام الناس بدخول وقت الصلاة، وفي السفر يُستحب الأذان خاصة إذا كان المسافرون في مكان بعيد عن العمران أو في الصحراء، فإن الأذان يُعدّ وسيلة لإظهار شعائر الإسلام وإعلانًا للتوحيد وتعظيمًا للنداء الرباني. وقد ورد في الحديث الشريف قول النبي صلى الله عليه وسلم إذا كنتما في سفر فأذنا وأقيما، حتى لو كان المسافر وحده فإنه يُستحب له أن يؤذّن ويقيم ليُحيي سنة الأذان ويُعلن عبوديته لله تعالى.

والأذان في السفر له أهمية أخرى فهو بمثابة حماية ووقاية للمسافرين، فقد ورد في الحديث أن الأذان يُخيف الشياطين ويُبعدهم عن المكان الذي يُرفع فيه ذكر الله، كما أن الأذان يُعدّ وسيلة لتحديد مواقيت الصلاة في السفر خاصة إذا كان السفر طويلاً ولم يكن هناك علامات واضحة على دخول الوقت كالأذان في المناطق الحضرية.

وهكذا يظهر أن الأذان شعيرة عظيمة تحمل في طياتها معاني التوحيد والإيمان وتجمع بين الإعلام بدخول وقت الصلاة والدعوة إلى أداء العبادة، وهو تشريع رباني مُحكم يحافظ على وحدة الأمة الإسلامية ويُبقيها مرتبطة بنداء واحد يجمع بين القلوب ويُذكّرها بعظمة الصلاة وأهميتها.

حالات يُستحب فيها الأذان

الأذان شعيرة إسلامية تحمل في طياتها نداء التوحيد وإعلان العبادة وهو من السنن المؤكدة التي شُرعت لتنبيه الناس إلى دخول وقت الصلاة ودعوتهم إلى أدائها جماعة في بيوت الله، وفي الفقه المالكي يُستحب الأذان في مواضع معينة لأغراض متعددة فتشريع الأذان عند دخول الوقت هو الأساس الذي بُني عليه الأذان منذ فجر الإسلام، فقد كان بلال بن رباح رضي الله عنه يؤذن عند دخول كل صلاة ليعلم الناس بحلول وقتها، ويجمعهم في المسجد لتأديتها جماعة. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لابن أم مكتوم إذا أذنت فأتم الأذان. فإن دخول الوقت هو العلامة الأولى على وجوب أداء الصلاة في وقتها المحدد.

أما في حالة الجماعة فإن الأذان يُصبح أكثر تأكيدًا إذ يُعد نداءً عامًا لكل من سمعه للحضور والمشاركة في أداء الصلاة جماعة، وقد شرع الإسلام الأذان للصلوات الخمس المفروضة والجُمعات ليكون شعارًا للمسلمين وتأكيدًا على اجتماعهم وتوحد كلمتهم في العبادة، فالأذان في الجماعة يُعد وسيلة لتذكير الناس بواجبهم تجاه الصلاة ويُعين على تهيئة النفوس والإعداد للدخول في جو العبادة والخشوع، وهو بذلك يُعدّ بمثابة نداء يجمع بين التوحيد وإقامة الصلاة ويربط بين القلب والروح في كل يوم خمس مرات.

وفي حالة السفر تزداد أهمية الأذان إذ يُستحب رفعه للمسافر إذا كان وحيدًا أو كان معه جماعة، وقد ورد في الحديث الشريف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا كنتما في سفر فأذنا وأقيما. فإن الأذان يُعد في السفر وسيلة لتحديد أوقات الصلاة خاصة إذا كان المسافر بعيدًا عن العمران أو في صحراء ممتدة. كما أن الأذان في السفر يُعد إعلانًا عن التوحيد وإظهارًا لشعائر الإسلام في أماكن قد تكون نائية أو غير مأهولة، وهو بذلك يُضفي على المكان بركة وطمأنينة ويُبعد عنه الشياطين ويُذكّر من حوله بأن وقت العبادة قد حان.

وفي جميع هذه الحالات يُصبح الأذان أكثر من مجرد نداء، بل هو رسالة تربط العبد بربه وتجمع بين الناس على صوت واحد يُنادي بالتوحيد والإخلاص، ويربط بين القلوب على طاعة الله والاستجابة لأمره.

تعريف القصر وحكمه

القصر في الصلاة هو تقصير عدد الركعات في الصلوات الرباعية إلى ركعتين، وهو رخصة شرعية تيسيرية شرعها الله لعباده المسافرين. وقد جاء في القرآن الكريم قول الله تعالى في الآية 101 من سورة النساء ﴿ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا﴾ ومع أن الآية تشير إلى حالة الخوف، إلا أن السنة النبوية جاءت لتُبين أن القصر ثابت في السفر مطلقًا سواء كان المسافر في حالة أمن أو خوف.

أما من حيث اللغة فالقصر يعني: التخفيف والتقصير، ومنه قصر الشيء أي اختصره أو قلله. وفي الاصطلاح الشرعي: يُقصد به أداء الصلاة الرباعية ركعتين بدلًا من أربع في السفر. وهو من الأحكام التي شرعها الله تعالى رحمة وتيسيرًا على عباده ليتمكنوا من أداء العبادة في أحوالهم المختلفة دون عناء.

وفي الفقه المالكي يُعد القصر رخصة مؤكدة يجوز للمسافر الأخذ بها دون كراهة، بل يُستحب له ذلك. ويُعد من السنة المؤكدة في السفر إذ كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يُتم الصلاة في السفر إلا نادرًا، ولذا فإن الأخذ بالرخصة في السفر يُعد هديًا نبويًا وإحياءً للسنة وامتثالًا لما جاء في الأحاديث الصحيحة.

أما الحكمة من مشروعية القصر فهي التيسير ورفع الحرج عن المسافر، إذ أن السفر يُعد من الأعمال الشاقة التي قد تُصيب الإنسان بالإرهاق والتعب. فتخفيف الصلاة وتقليل عدد ركعاتها يُعد مراعاة لحال المسافر ورفقًا به، ومن رحمة الله بعباده أن جعل العبادة تواكب ظروفهم وأحوالهم المختلفة دون أن تُثقل عليهم.

والقصر أيضًا يُظهر مرونة الشريعة الإسلامية وقدرتها على التكيف مع واقع المسلم في مختلف أحواله، فهو تشريع يُراعي التغيير في الظروف والزمان والمكان كما أنه يُذكر المسلم بضرورة الاستمرار في العبادة حتى في حالة السفر والتنقل وعدم التساهل في أداء الفرائض.

وبذلك يكون القصر في الصلاة رمزًا من رموز الرحمة والتخفيف في الشريعة الإسلامية وإشارة إلى أن الدين يُسر لا عسر وأن الله لا يُريد بعباده الحرج بل يُريد بهم اليسر والرحمة، ومن هنا فإن المحافظة على هذه السنة النبوية في السفر تُعد تعظيمًا لشعائر الله واتباعًا لهدي النبي الكريم.

شروط القصر

القصر في الصلاة رخصة شرعية مرتبطة بالسفر وقد حدد الفقهاء شروطًا معينة حتى يصح للمسافر الأخذ بهذه الرخصة، ومن أهم هذه الشروط المسافة المعتبرة للسفر إذ لا يجوز القصر إلا إذا بلغ المسافر مسافة معينة وقد حددها الفقه المالكي بأربع بُرد وهي ما يعادل ستة عشر فرسخًا أو ما يقارب ثلاثة وثمانين كيلومترًا، ويشترط أن تكون هذه المسافة متصلة لا منقطعة فإن عاد المسافر قبل أن يبلغ هذه المسافة لم يكن له القصر.

ومن الشروط أيضًا نية السفر والخروج من العمران فلا يجوز للمسافر أن يقصر صلاته ما لم يعقد العزم على السفر فعليًا وينوي الانتقال من مكان إلى آخر بنية القصر، كما أن الخروج من العمران يُعد شرطًا لتحقيق هذه النية فلا يجوز القصر لمن لم يغادر حدود البلدة أو المدينة لأن السفر في حقيقته لا يتحقق إلا بمفارقة البنيان والدخول في الطريق.

كما يُشترط ألا ينوي المسافر الإقامة أربعة أيام فأكثر في المكان الذي ينوي الوصول إليه، فإذا نوى الإقامة لمدة أربعة أيام فأكثر أصبح في حكم المقيم وانقطع عنه حكم السفر، فلا يجوز له القصر بل يجب عليه إتمام الصلاة كالمقيم، أما إذا كانت إقامته أقل من أربعة أيام أو كان مترددًا غير مستقر فإن له أن يقصر لأنه في حكم المسافر.

وفي الفقه المالكي تُحسب هذه الأيام الأربعة بالأيام الكاملة دون احتساب يومي الدخول والخروج، فعلى سبيل المثال إذا دخل المسافر البلدة صباحًا ثم قرر الإقامة فيها ثلاثة أيام كاملة فإنه لا يزال في حكم المسافر ويجوز له القصر، أما إذا نوى الإقامة أربعة أيام فأكثر فقد أصبح في حكم المقيم.

ومن الحكم العظيمة في هذه الشروط هو أن الإسلام لم يجعل الرخصة متاحة لكل من خرج من بيته ولو لبضع خطوات، بل جعل السفر المقصود والمعروف هو السفر الذي تتحقق فيه مشقة الانتقال من مكان إلى آخر، ولذا كانت المسافة المحددة بهذه الدقة ضمانًا لتحقق هذه المشقة وللتيسير على المسافر دون التفريط في أداء الفرائض.

وبهذا يظهر أن القصر في الصلاة ليس مجرد تخفيف في عدد الركعات بل هو عبادة لها ضوابطها وأحكامها الشرعية، التي تستوجب الالتزام بها لتحقيق الحكمة من مشروعيتها، وهي التيسير على المسافر وتخفيف العبادة عنه حتى يتمكن من أدائها دون مشقة أو حرج.

متى يبدأ القصر ومتى ينتهي؟

يبدأ القصر في الصلاة بمجرد خروج المسافر من حدود البلدة التي يقيم فيها، فإذا غادر العمران وترك خلفه البنيان والشوارع المأهولة بدأ في الأخذ برخصة القصر، حتى وإن لم يبلغ المسافة المحددة بعد، فالمهم أن يكون قد فارق البلدة وأصبح في حكم المسافر. أما إذا كان لا يزال داخل حدود البلدة أو المدينة فلا يجوز له القصر لأن السفر لم يتحقق في حقه بعد، ففي الفقه المالكي يرتبط القصر بمفارقة عمران البلد بشكل فعلي وليس بمجرد نية السفر.

وينتهي القصر عند العودة إلى البلدة أو عند نية الإقامة لمدة أربعة أيام فأكثر، فإذا رجع المسافر إلى بلدته زال عنه حكم السفر وأصبح مقيمًا فلا يجوز له القصر في الصلا،ة بل يجب عليه الإتمام كغيره من المقيمين، وكذلك إذا نوى الإقامة في مكان معين لمدة أربعة أيام فأكثر فإنه ينقطع عنه حكم السفر حتى وإن لم يعد إلى بلدته، أما إذا كانت الإقامة أقل من أربعة أيام أو كان مترددًا في المدة أو لم يعقد نية الإقامة فإن حكم السفر لا يزال قائمًا ويستمر له الترخص بالقصر.

أما في حال الشك في انتهاء السفر كأن يكون المسافر مترددًا في مدة الإقامة أو غير متأكد من وقت العودة ففي هذه الحالة ينظر إلى حالته الواقعية، فإن كان ينوي الإقامة فترة قصيرة دون تحديد زمني واضح وكان يتوقع السفر في أي لحظة فإنه يبقى في حكم المسافر وله الأخذ برخصة القصر، أما إذا غلب على ظنه أنه سيقيم مدة طويلة تزيد على أربعة أيام فإن حكم الإقامة يسري عليه في هذه الحالة ويصبح كالمقيم.

وفي الفقه المالكي يُراعى في القصر جانب التيسير والرفق بالمسافر، ولكن مع ضبطه بضوابط دقيقة حتى لا يتحول إلى تهاون في أداء الفرائض. فمن خرج من البلد وأصبح في حالة سفر وقطع المسافة المحددة أو نوى السفر وكان في طريقه إليه فإنه يأخذ بالرخصة، أما إذا عاد إلى بلده أو نوى الإقامة فترة طويلة فإنه يعود إلى حكم المقيم وتلزمه الصلاة كاملة دون قصر.

وبهذا يظهر أن القصر في الصلاة ليس مجرد تقليل في عدد الركعات بل هو عبادة لها أوقات محددة تبدأ وتنتهي وفق شروط وضوابط شرعية، هدفها التيسير دون الإخلال بمقاصد العبادة وتحقيق الغاية من الصلاة في حالتي السفر والإقامة.

أنواع الصلاة التي تُقصر

القصر في الصلاة هو من الرخص التي شرعها الله تعالى تيسيرًا على المسافر وتخفيفًا عنه في أثناء السفر وتقتصر الصلاة التي يجوز فيها القصر على الصلوات الرباعية فقط وهي صلاة الظهر وصلاة العصر وصلاة العشاء، أما الصلوات الثنائية كالفجر فلا قصر فيها لأنها قد جاءت في أصلها ركعتين، وكذلك صلاة المغرب فلا تقصر لأنها وتيرة ولا يمكن تقليلها عما هي عليه.

وفيما يتعلق بحكم القصر في الصلوات الرباعية فإنه سنة مؤكدة عند المالكية، وهو الأفضل للمسافر الذي توافرت فيه شروط القصر فإذا أراد المسافر أن يتم الصلاة فلا إثم عليه، ولكن فاته الفضل الوارد في الأخذ بالرخصة وترك التيسير الذي شرعه الله تعالى، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قصر في جميع أسفاره ولم يُحفظ عنه أنه أتم في السفر.

أما الجمع بين الصلوات أثناء القصر فهو مسألة أخرى ويختلف حكمه عن القصر، فالجمع بين الصلوات ليس مرتبطًا بالمسافة بل هو مرتبط بالظروف التي تقتضي الجمع كالمطر الشديد، أو المرض، أو السفر الطويل، ففي السفر يُشرع الجمع بين الظهر والعصر في وقت إحداهما، وكذلك بين المغرب والعشاء. ويكون الجمع إما جمع تقديم بأن يُصلي المسافر الظهر والعصر في وقت الظهر، أو المغرب والعشاء في وقت المغرب، وإما جمع تأخير بأن يُصلي الظهر والعصر في وقت العصر، أو المغرب والعشاء في وقت العشاء.

وفي الفقه المالكي يُستحب الجمع بين الصلوات في السفر خاصة إذا كان السفر شاقًا، أو كان المسافر على عجلة من أمره أو كان يخشى فوات الوقت، فإن الجمع في هذه الحالة يكون رخصة وتيسيرًا وعونًا على أداء العبادة دون مشقة ولا حرج، أما إذا كان السفر يسيرًا أو كان المسافر مستقرًا في مكان معين وكان يستطيع أداء الصلوات في أوقاتها دون مشقة، فإنه لا يُستحب له الجمع.

وفي حال الجمع أثناء القصر يجب على المصلي أن يلتزم بالترتيب بين الصلوات فيجمع الظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء، ولا يجوز الجمع بين العصر والمغرب، أو بين العشاء والفجر، لأن ذلك لم يرد في السنة ولا يُعد من الجمع المشروع. كما يجب عليه أن ينوي الجمع عند أداء الصلاة الأولى ولا يُشترط أن يجمع بين الصلاتين فورًا، بل يجوز له الفصل بينهما بقدر يسير ما لم يُفوت الوقت الثاني.

وبهذا يتضح أن القصر والجمع كلاهما رخصة من الله تعالى، ولكنهما مختلفان في الأحكام والضوابط. فالقصر مرتبط بالصلاة الرباعية فقط، بينما الجمع يُباح في حال السفر والمرض والمطر، ولكن مع مراعاة الشروط والضوابط الشرعية التي حددها الفقهاء لضبط هذه الرخصة حتى لا تُستعمل في غير مواضعها.

أثر نية الإقامة على القصر

نية الإقامة في السفر تعتبر من العوامل المؤثرة في حكم القصر في الصلاة ،وذلك لأن القصر رخصة مرتبطة بحالة السفر، فإذا نوى المسافر الإقامة في مكان ما لمدة أربعة أيام فأكثر فقد اختلفت أحكامه عن أحكام المسافر الذي لم ينو الإقامة أو كان مترددًا في مدة بقائه.

وفي الفقه المالكي إذا نوى المسافر الإقامة أربعة أيام كاملة فإن حكمه يتحول إلى حكم المقيم ويصبح عليه أداء الصلاة تامة غير مقصورة، لأن المدة التي نواها تعتبر كافية لرفع حكم السفر عنه ويلزمه حينئذ أداء الصلوات الرباعية أربع ركعات كما لو كان في وطنه. أما إذا نوى الإقامة مدة أقل من أربعة أيام فإنه يظل على حكم السفر ويجوز له القصر، لأن المدة القصيرة لا تعتبر إقامة تامة وإن كانت أربعة أيام غير كاملة كسفر يومين أو ثلاثة فلا تلزمه نية الإقامة.

أما في حال من لم ينو الإقامة بشكل واضح أو كان مترددًا في مدة بقائه، كمن جاء إلى بلد لعلاج أو لقضاء حاجة ولا يعلم متى سينتهي منها فإن حكمه يظل حكم المسافر طالما لم يعقد النية على إقامة محددة، وفي هذه الحالة يجوز له القصر حتى وإن طال مكثه لأن شرط الإقامة لم يتحقق عنده بل كان مترددًا ولم يستقر على نية معينة.

وقد بين العلماء أن العبرة في نية الإقامة تكون بنية المدة المحددة التي ينويها المسافر، فإذا نوى الإقامة أربعة أيام فأكثر فقد تحولت حالته من السفر إلى الإقامة أما إذا نوى الإقامة لأقل من ذلك أو لم ينو مدة معينة، فإنه يظل مسافرًا ويتمتع برخص السفر من قصر وجمع إلى أن يستقر في مكان معين ويحدد مدة إقامته بوضوح.

وفيما يتعلق بالشك في نية الإقامة فإن الحكم يدور مع حالته النفسية فإذا كان يشعر بأنه قد ينتهي من غرضه في يوم أو يومين أو قد يطول المقام معه إلى أربعة أيام أو أكثر فإنه لا يزال على حكم السفر طالما لم يستقر في قراره على مدة معينة، فالحكم الشرعي في هذه الحالة يتبع النية والنية تتبع حالة النفس وترددها.

وهكذا يتبين أن نية الإقامة هي الفيصل في تحديد حكم المسافر فيما يتعلق بالقصر والإتمام، فإذا نوى الإقامة أربعة أيام فأكثر فقد ارتفع عنه حكم السفر وأصبح مقيمًا، وإن كان أقل من ذلك أو كان مترددًا في أمره فإنه يظل على حكم المسافر ويجوز له القصر والجمع إلى أن يتبين له مدة إقامته بوضوح فيعمل بالحكم المناسب لحالته.

ضوابط القصر أثناء السفر

ضوابط القصر أثناء السفر تعد من المسائل الفقهية التي تحتاج إلى تفصيل وبيان، حيث إن القصر في الصلاة هو رخصة من الله تعالى للمسافر، لتخفيف العبادة عنه وجعلها أكثر يسرا وسهولة وتيسيرا على من شق عليه السفر وتعرض لصعوبة التنقل ومشقة الطريق، ولتحقيق هذه الرخصة هناك جملة من الضوابط والشروط التي يجب على المسافر مراعاتها حتى يتمكن من الانتفاع برخصة القصر.

ومن أهم هذه الضوابط أن يكون السفر قد بلغ المسافة المحددة للقصر في الفقه المالكي وهي أربع برد أي ما يعادل ستة عشر فرسخا أو ثمانين كيلومترا تقريبا، وهذه المسافة تعتبر الحد الأدنى الذي يُشترط قطعه حتى يجوز للمسافر أن يقصر الصلاة، فلا يجوز له القصر إذا كانت المسافة أقل من ذلك لأن القصر شُرع للتخفيف في السفر الطويل.

ومن الضوابط أيضا أن يكون السفر في نية المسافر عند خروجه، فإذا خرج شخص إلى مكان معين ولم ينو السفر وإنما خرج لأمر قريب أو مشوار قصير ثم اضطر لقطع مسافة القصر فإنه لا يُعد مسافرا في حكم الشرع، ولا يجوز له القصر لأن نية السفر لم تكن في ذهنه ابتداء فلا تتحقق له الرخصة لأن الرخص تكون بمقاصد واضحة ونوايا محددة.

وفيما يتعلق بالسفر بالطائرة أو السفينة فقد اتفق الفقهاء على أن وسيلة النقل لا تؤثر في حكم القصر ما دامت المسافة المعتبرة قد تحققت، فلو قطع المسافر المسافة المحددة بالقصر سواء بالطائرة أو السفينة أو السيارة فإنه يجوز له القصر شريطة أن يكون قد نوى السفر، وكان قاصدا وجهة محددة، وأن لا يكون مقيما في تلك الوجهة أكثر من أربعة أيام، لأن هذه المدة تعتبر فاصلة بين حكم المسافر وحكم المقيم.

ومن الأحكام المتعلقة بالسفر بالطائرة أنه إذا كان السفر طويلا وكان المسافر قد وصل إلى مقصده قبل وقت الصلاة فإنه يصليها كاملة. لأن حكم القصر يرتبط بحالة السفر لا بحالة الوصول، أما إذا كان في الطائرة ولم يصل إلى مقصده بعد وكان لا يزال في حالة السفر فإنه يقصر الصلاة ويصليها ركعتين كما في حالة السفر برا أو بحرا.

وبالنسبة للسفر بالسفينة فإن حكم القصر يتعلق أيضا بالمسافة وبنية السفر، فإذا قطع المسافر المسافة المعتبرة شرعا وكان قد نوى السفر منذ خروجه فإنه يقصر الصلاة سواء كان في البر أو البحر أو الجو، لأن الحكم مرتبط بالسفر وطول المسافة وليس بوسيلة النقل.

وهكذا يتضح أن ضوابط القصر أثناء السفر ترتبط بنيّة السفر، وقطع المسافة المحددة شرعا، وأن وسيلة النقل لا تؤثر في حكم القصر ما دامت المسافة المعتبرة قد تحققت وكان المسافر لا يزال في حالة سفر ولم يدخل في حكم الإقامة المحددة بأربعة أيام فأكثر، وعليه أن يراعي أحكام السفر ويحدد نيته قبل الانطلاق حتى يتمكن من الانتفاع برخصة القصر والإتمام حسب حالته.

القيم المستفادة من مشروعية الأذان والقصر

القيم المستفادة من مشروعية الأذان والقصر تحمل في طياتها معاني جليلة ومقاصد سامية تعكس رحمة الشريعة الإسلامية وحرصها على تحقيق العبودية لله في إطار من اليسر والتيسير، فعند التأمل في الأذان نجد أنه أكثر من مجرد نداء للصلاة بل هو شعيرة إسلامية عظيمة تحمل رسائل متعددة في طياتها، فهو إعلان لشعار الإسلام في الأرجاء، وتذكير للمسلمين بوقت الصلاة، وتأكيد على وحدة الأمة واجتماعها على عبادة واحدة، وفيه دعوة للغافلين عن ذكر الله وتذكير لهم بضرورة إقامة الصلاة والعودة إلى الله، كما أنه يحقق معنى الجماعة في الإسلام إذ يجتمع المسلمون في مكان واحد بقلوب متوحدة ويستشعرون معاني الأخوة والترابط.

وأما القصر في الصلاة فهو مظهر آخر من مظاهر اليسر والتيسير الذي جاءت به الشريعة الإسلامية، فهو رحمة بالمكلفين وتخفيف عليهم في حالة السفر التي قد تشتمل على مشقة وتعب، وبتشريع القصر يُتاح للمسافر أن يُخفف عن نفسه عبء إتمام الصلاة في وقت قد يحتاج فيه إلى الراحة أو الاستعداد للسفر، فهو توازن بين أداء العبادة وبين الحفاظ على الصحة والقدرة على مواصلة السفر، وهو بذلك يعكس حكمة الشريعة في مراعاة أحوال الناس وأوضاعهم وعدم تكليفهم بما لا يطيقون.

ويأتي القصر ليؤكد على مبدأ التيسير في الإسلام الذي يقوم على درء المشقة ورفع الحرج عن المكلفين، وهو مبدأ يتجلى في أكثر من موضع في العبادات والمعاملات، وفيه تتجلى عظمة التشريع الإسلامي الذي يوازن بين أداء الفريضة وتحقيق الغاية منها، وبين الحفاظ على صحة الإنسان وقدرته على أداء باقي واجباته دون عناء أو مشقة.

وهكذا يظهر الأذان والقصر في الصلاة كتشريعين يحملان معاني عظيمة وقيم سامية تعكس رحمة الله بعباده، وتأكيده على أهمية الجماعة والاجتماع على الطاعة دون أن يكون ذلك على حساب راحتهم أو قدرتهم على التحمل، بل إن الشريعة الإسلامية تجمع بين الدعوة إلى العبادة وتحقيق معانيها، وبين التخفيف على المكلفين والتيسير عليهم في أوقات الشدة والسفر والتعب، لتكون بذلك شريعة وسطية معتدلة تقوم على تحقيق المصلحة ودرء المفسدة في كل حال وحين.

مواضيع ذات صلة:

درس تعليمي 12: سنن الصلاة في الفقه المالكي بين التأكيد والاستحباب وفق متن ابن عاشر
درس تعليمي 11: شروط صحة ووجوب الصلاة في الفقه المالكي وفق متن ابن عاشر: شرح وتحليل مفصّل
درس تعليمي 10: فرائض الصلاة في الفقه المالكي: شرح وتحليل وفق متن ابن عاشر
درس تعليمي 9: التيمم في الفقه المالكي: أسبابه وأحكامه وفق متن ابن عاشر
درس تعليمي 8 : صفة الغسل وموجباته في الفقه المالكي وفق متن ابن عاشر
درس تعليمي 7: فرائض الغسل وسننه ومندوباته في الإسلام وفق المذهب المالكي: شرح مفصل من متن ابن عاشر
مذاهب العلماء في الأذان والإقامة
الصلوات التي تقصر عند المالكية وشروط القصر
أحكام الآذان ويكيبيذيا
-
 صلاة المسافر ويكيبيديا

أسئلة التقويم والإجابة عليها

- ما هو حكم الأذان في الفقه المالكي ومتى يُستحب أداؤه؟ 

في الفقه المالكي، الأذان سُنّة مؤكدة للجماعة في الصلوات المفروضة سواء في الحضر أو في السفر وهو من الشعائر الظاهرة التي لا ينبغي تركها لما فيها من إظهار شعائر الإسلام والإعلان بدخول وقت الصلاة ويُستحب الأذان في الصلوات الخمس المفروضة ويُسن أيضًا في الجماعة التي تُصلي قضاءً لفرض قد فات وأما في الصلاة السرية فإن الأذان يكون خافتًا لا يُجهر به وأما بالنسبة للفرد المنفرد فإنه غير ملزم بالأذان ولكنه يُستحب له ذلك لتحصيل فضل الذكر وإظهار شعار الإسلام ولو كان يُصلي منفردًا.

- ما هي الشروط التي ينبغي توفرها في المؤذن وفقًا للمذهب المالكي؟

يشترط في المؤذن في الفقه المالكي أن يكون بالغًا عاقلًا مسلمًا ذكرًا فلا يُقبل الأذان من الصبي غير المميز أو من المرأة أو الكافر كما يُشترط أن يكون المؤذن عدلًا معروفًا بالصلاح والاستقامة والابتعاد عن الفسوق وذلك لأن الأذان شهادة عامة فيجب أن يكون المؤذن موثوقًا في صدقه وديانته كما يُستحب أن يكون حسن الصوت لأن الأذان يتطلب رفع الصوت والنداء بما يلفت الانتباه ويحبب الناس في الصلاة وينبغي أن يكون عارفًا بمواقيت الصلاة حتى لا يُؤذن قبل دخول الوقت فيُلبس على الناس أمر الصلاة كذلك يجب أن يكون على طهارة لأن الأذان عبادة وهو ذكر لله تعالى فيستحب أن يكون المؤذن على طهارة كاملة من الحدثين الأصغر والأكبر.

- ما الحكمة من مشروعية الأذان وما هي آثاره الاجتماعية والدينية؟

الحكمة من مشروعية الأذان تتجلى في كونه نداءً عامًا للصلاة وتذكيرًا للمسلمين بوقت الفريضة وهو إعلان لشعائر الإسلام في المجتمع وإظهار لوحدة الأمة واجتماعها على عبادة واحدة في وقت محدد كما أن الأذان يحمل في طياته معاني التوحيد والإخلاص لله تعالى فهو يبدأ بالتكبير والشهادة بوحدانية الله ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم مما يُعزز روح الإيمان في قلوب المسلمين ويربطهم بربهم في كل وقت أما من الناحية الاجتماعية فإن الأذان يُعد وسيلة لجمع الناس على الصلاة في مكان واحد مما يعزز العلاقات الاجتماعية ويُحقق مبدأ التعاون والتآلف بين المسلمين كما أن الأذان يُذكر الغافلين عن الصلاة ويُنبههم إلى أداء الفريضة في وقتها ويكون سببًا في إيقاظ الغافلين وتنبيههم للعبادة.

- ما هو حكم القصر في الصلاة وفق المذهب المالكي وهل هو واجب أم سنة؟

في الفقه المالكي، القصر في الصلاة مشروع للمسافر الذي قطع مسافة القصر وهي أربع بُرد أي ما يعادل 83 كيلومترًا وهو سنة مؤكدة وليس بواجب فإن صلى المسافر ركعتين في الظهر والعصر والعشاء فقد أتى بالسنة وإن أتم الصلاة أربعًا فلا إثم عليه ولكنه ترك الأفضل والأكمل وقد ثبت القصر بالسنة النبوية وبفعل النبي صلى الله عليه وسلم في سفره حيث كان يقصر الصلاة الرباعية إلى ركعتين ولم يُنقل عنه أنه أتم في السفر إلا في حالات نادرة لذا فإن القصر مشروع للتخفيف على المسافر ورفع المشقة عنه.

- ما هي شروط القصر في الصلاة ومتى يبدأ ومتى ينتهي؟

يشترط للقصر في الصلاة عدة شروط أولها أن تكون المسافة المقطوعة مسافة قصر وهي أربع بُرد أي ما يعادل 89 كيلومترًا تقريبًا وثانيها أن تكون نية السفر منعقدة قبل الشروع في القصر وثالثها أن يكون السفر مباحًا فلا يجوز القصر في سفر المعصية كالخروج لقطع الطريق أو ارتكاب المحرمات ورابعها أن لا ينوي الإقامة في المكان الذي وصل إليه أربعة أيام فأكثر فإذا نوى الإقامة هذه المدة أو أكثر فإنه يتم الصلاة ولا يقصر وأما بداية القصر فتبدأ بمجرد الخروج من العمران والدخول في السفر وأما نهايته فبمجرد الرجوع إلى محل الإقامة الأصلي أو نية الإقامة لمدة أربعة أيام أو أكثر.

- ما هي الصلوات التي يجوز فيها القصر وما هي كيفية الجمع بين الصلوات أثناء القصر؟

يجوز القصر في الصلوات الرباعية فقط وهي الظهر والعصر والعشاء فتصلى ركعتين بدلًا من أربع ركعات وأما الفجر والمغرب فلا قصر فيهما لأن الفجر ركعتان أصلاً والمغرب ثلاث ركعات وهي وتر النهار فلا تُقصر وأما الجمع بين الصلوات أثناء القصر فهو رخصة يجوز للمسافر أن يجمع بين الظهر والعصر في وقت إحداهما ويجمع بين المغرب والعشاء كذلك ويكون الجمع جمع تقديم أو تأخير بحسب ما يناسب حاله في السفر فإن كان على وشك السفر قبل دخول وقت الصلاة فإنه يجمع تقديمًا وإن كان على سفر طويل وأراد أن يؤخر الصلاة إلى وقت الصلاة الثانية فإنه يجمع تأخيرًا ويسقط عنه السنن القبلية والبعدية في حال القصر والجمع تخفيفًا وتيسيرًا عليه في سفره.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-